عن سنة أو أكثر من حياته. ذكر الأميرال فيرنون (١٧٤٦) أن هؤلاء الرجال، بعد أن يؤتى بهم إلى السفينة، كانوا في الواقع محكوماً عليهم بالموت، إذ لا يسمح لهم بتتاً بأن تطأ أقدامهم البرّ ثانية، ولكنهم ينقلون من سفينة إلى أخرى .. دون أي اعتبار للمشاق التي يتكبدونها (٦٤)". ويقول صموئيل جونسون "لا يرضي رجل بأن يكون بحاراً إذا كان له من الحيلة ما يكفي لأن يدخل نفسه السجن .. فالسجين يحظى بمكان وطعام أحسن وبرفقة أفضل عادة (٦٥)". وكان أكثر البحارة الذين يجندون كرهاً ضعاف الأجسام والعقول، ولكن النظام الصارم والانتقام القاسي بامتحان النار والجلد (كما هو موصوف ومبالغ فيه بلا شك في قصة سموليت "رودريك راندوم") جعلاً الباقين منهم على قيد الحياة أصعب المقاتلين في البحر مراساً وأشدهم اعتداداً بأنفسهم.
وكانت القرصنة لا تزال تلقى الإغضاء عنها بوصفها ضرباً من التجارة، ولكنها أخذت تضمحل بازدياد قوة البحريات. أما تجارة العبيد فقد زكت، وتنافست السفن الإنجليزية والفرنسية والهولندية والبرتغالية على امتياز بين الزنوج الأفريقيين للمسيحيين الأمريكيين. وبمقتضى معاهدة أوترخت (١٧١٣) نقلت أسبانيا عقد "الأزينتو"، الذي تمد بمقتضاه المستعمرات الأسبانية سنوياً بـ ٤. ٨٠٠ عبد، من فرنسا إلى إنجلترا. ومن بين ٧٤. ٠٠٠ عبد نقلوا إلى أمريكا في سنة واحدة (١٧٩٠) نقل الفرنسيون ٢٠. ٠٠٠، والهولنديون ٤. ٠٠٠، والدنمركيون ٢. ٠٠٠، والبرتغاليون ١٠. ٠٠٠، والبريطانيون ٣٨. ٠٠٠ - وهو أكثر من نصف المجموع (٦٦). يقول مصدر إنجليزي وثيق "إن الإنجليز وحدهم، على أقل تقدير، حملوا أكثر من مليوني زنجي إلى أمريكا في الفترة بين ١٦٨٠ و١٧٨٦ (٦٧)". واقتنت بعض الأسر الإنجليزية عبيداً من الزنوج للخدمة في البيوت. واشتملت الصحف على وعود بدفع مكافآت لمن يعيد العبيد الآبقين، وعرض إعلان "صبياً زنجياً يناهز الثانية عشرة .. للبيع (٦٨) "، وكان العبيد يباعون في باريس حتى سنة ١٧٦٢، وحتى البابوات كانوا يقتنون عبيداً من سفن تشغيل العبيد التركية من القرن السادس عشر إلى الثامن عشر (٦٩). وفي ١٧٢٧ بدأ الكويكرز حركة لإنهاء مشاركة بريطانيا في تجارة العبيد. وناصرهم ستيل وبوب، ودعم المثوديون هذه الحرب