للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوحشية بين الشعب. مثال ذلك أن قانوناً ألغي في ١٧٩٠ كان يقضي على المرأة التي تدان بخيانة وطنها أو بقتل زوجها بالحرق حية، ولكن العرف كان يبيح خنقها قبل أن تحرق (٧٥). أما الرجال المدانون بخيانة الوطن فيجذبون من على المشنقة وهم بعد أحياء، وتخرج أمعاؤهم وتحرق أمام أعينهم، ثم تفصل رءوسهم ويقطعون أرباعاً. وعلقت المشانق في كل أحياء لندن، وكانت الأجساد تترك على كثير منها لتتغذى عليها الطير. وقد يظل الرجل مشنوقاً نصف ساعة قبل أن يموت. على أنه كان من المألوف أن تخدر بالبرندي حواس المحكوم بإعدامه، وإذا كان الجلاد عطوفاً شاد ساقيه المتدليتين ليعجل بموته.

وأضفت قسوة المتفرجين والمجرمين على مناظر الشنق طابع المهرجان، فالناس يصطفون على جانبي الطريق ليشهدوا المحكوم عليهم يركبون العربات إلى تيبيرن، وتبيع الأكشاك والباعة المتجولون الجن والخبز المخلوط بالزنجبيل والجوز والتفاح للجمهور المحتشد؛ وينشد المغنون الجوالون الأغاني الشعبية دون أن يجيدوا إجادة الكابتن مكبث في "أوبرا الشحاذ". وكانت الجماهير، التي لم تتحمس قط للقوانين أو الشرطة، ترفع غلى مقام البطولة المجرمين الذين حالفهم التوفيق في مغامراتهم، أو الذين أمسكوا واجهوا المحاكمة والموت بالازدراء أو الابتسامات. فجاك شبرد، و "روب روي" (وهو روبرت ماكجريجور)، ودك تيربن، وجوناثان وايلد-هؤلاء كلهم ترعرعوا وازدهروا في هذه الفترة. أما جاك فقد وشي به جوناثان وايلد للشرطة بعد أن كان يمارس السرقة في لندن أو قربها كل يوم تقريباً، ففر، وقبض عليه من جديد، ثم فر ثانية، وقبض عليه وهو يعاقر الخمر، وشنق وهو بعد في الثانية والعشرين على مرأى جمهور من آلاف مؤلفة يتوقعون منه أن يهرب حتى وحبل المشنقة يطوق عنقه. وقد روى ديفو واينزورث قصته في روايات عادت عليهما بالربح، ورسم السير جيمس ثورنها صورته. أما تيربن فوزع النقود على المشيعين ليسيروا خلف عربته إلى المشنقة في موكب مهيب، ولكن ما أذاع صيته هو الرواية الخيالية التي كتبها اينزورث عن رحلة دك تيربن الشديدة الخطر على جواده من لندن إلى يورك. كذلك خلد كتاب فيلدنج "حياة مستر جوناثان وايلد العظيم" ذكرى هذا الوغد على مر القرون. ومعظم