فأجاب المعلم:"فلنتخل عن الطعام؛ ذلك أن الموت كان منذ الأزل قضاء محتوماً على البشر، أما إذا لم يكن للناس ثقة (بحكامهم) فلا بقاء (للدولة) ".
ويرى كنفوشيوس أن المبدأ الأول الذي يقوم عليه الحكم هو نفس المبدأ الأول الذي تقوم عليه الأخلاق- ألا وهو الإخلاص. ولهذا كانت أداة الحكم الأولى هي القدوة الصالحة؛ ومعنى هذا أن الحاكم يجب أن يكون هو المثل الأعلى في السلوك الحسن، حتى يحذو الناس حذوه، فيعم السلوك الطيب جميع أفراد شعبه.
وسأل كي كانج كنفوشيوس عن الحكومة قائلاً:"ما قولك في قتل من لا مبدأ لهم ولا ضمير لخير أصحاب المبادئ والضمائر؟ "، فأجابه كنفوشيوس:"وما حاجتك يا سيدي إلى القتل في قيامك بأعباء الحكم؟ لتكن نيتك الصريحة البينة فعل الخير، فيكون الناس أخياراً. إن العلاقة القائمة بين الأعلى والأدنى لشبيهة بالعلاقة بين الريح والكلأ، فالكلأ يميل إذا هبت عليه الريح .. وما أشبه الذي ينهج في حكمه نهج الفضيلة بالنجم القطبي الذي لا يتحول عن مكانه والذي تطوف النجوم كلها حوله .. "، وسأل كي كانج كيف ُيحمل الناس على أن يجلوا (حاكمهم)، وأن يخلصوا له، وأن يلتزموا جانب الفضيلة؟ فأجابه المعلم:"فليرأسهم في وقار- يحترموه، وليكن عطوفاً عليهم رحيماً بهم، يخلصوا له. وليقدم الصالحين ويعلّم العاجزين- يحرصوا على أن يكونوا فضلاء"(١٣٤).
وإذا كانت القدوة الحسنة أولى وسائل الحكم، فإن حسن الاختيار للمناصب وسيلته الثانية:"استمل الصالحين المستقيمين، وانبذ المعوجين، وبهذه الطريقة يستقيم المعوج"(١٣٥).
وتقول عقيدة الوسط: "إن تصريف شئون الحكم إنما يقوم على