"الجورجي" الثقيل، تشابك فيه النقوش ويتلألأ بالتغشية بالذهب. وحوالي ١٧٢٠ أدخل خشب "المجنة" من جزر الهند الغربية، وكان أصلب من أن تنفذ فيه الأدوات المستعملة آنذاك، فصنعت أدوات أحد، وسرعان ما أبدع الخشب الجديد أروع قطع الأثاث في البيوت الإنجليزية.
وكانت البيوت تدفأ بحرق الفحم في المواقد والأفران المكشوفة أو حرق الخشب في مدفآت واسعة. وكان هواء لندن غائماً بالدخان. وأصبح تنظيف البيوت مهمة عسيرة ولكن لا مناص منها بسبب ما يتهددها دائماً من غبار وسناج. واعتبر الفرنسيون أعداءهم الإنجليز أحفل الشعوب بنظافة بيوتهم بعد الهولنديين. كتب نيكولا دسوسير في ١٧٢٦ يقول:
"لا يمضي أسبوع إلا والبيوت المعتنى بها تغسل مرتين في الأيام السبعة علواً وسفلاً، لا بل تدعك معظم المطابخ والسلالم والمداخل كل صباح. وينال الأثاث كله، خصوصاً آنية المطبخ جميعها، أعظم قدر من النظافة. وحتى المطارق الكبيرة والإقفال التي على الأبواب تدعك حتى تلمع (٨٧) ".
وهذا برغم غلاء الصابون وقلة الماء. أما غرف الاستحمام فكانت ترفاً لا يستمتع به غير الأقلين، وكان أكثر الناس يستحمون بالوقوف في حوض ورش الماء على أجسادهم.
وكان العامة ينفقون أكثر ساعات البيت وأوقات الصحو في المطبخ يلوذون فيه بالموقد الكبير، فيأكلون ويتجاذبون الأحاديث وأحياناً ينامون في المطبخ لأنها واسعة جداً. أما حجرات الطعام فللمناسبات الخاصة. والغداء عند جميع الطبقات يكون بعد الظهر، فهو عند الطبقات الوسطى في الساعة الثانية أو الثالثة، وعند الأغنياء في الخامسة أو السادسة، فالحال يومها هي الحال اليوم، كلما كثر مالك طال انتظارك للغداء. وكانت النساء في البيوت العصرية يبرحن القاعة إذا فرغن من الطعام، لأن الرجال يبدءون عندها الشراب والتدخين وشرب الأنخاب وقص الحكايات. وكان الغداء وافراً، ولكنه كان أول ما يتناوله بريطاني المدينة من طعام بعد الفطور وتصبيره في الحادية عشرة صباحاً. وقد أدهش الفرنسيين مقدار الطعام