أنه ما من شيء يكسبك احترام البشر وتقديرهم غير أشد ضروب الشرف والفضيلة صرامة وتدقيقاً (١٢١)". وأغلب الظن أن نصيحته له في أمر الخليلات كانت محاولة لصرف الفتن عن الفوضى الجنسية. لاحظ هذا التحذير "أما عن الجري وراء النساء، فإن نتائج تلك الرذيلة إنما هي فقدان المرء أنفه، والتدمير الشامل لصحته، وطعنات السلاح تصيبه في حالات غير قليلة (١٢٢)". وقد ذهب جونسون نفسه، في لحظة غافرة، إلى أن "رسائل اللورد تشسترفيلد لولده قد يخرج منها كتاب لطيف جداً، وإذا انتزعت منه الجانب اللا أخلاقي، وجب أن يوضع في يد كل شاب مهذب (١٢٣)". وربما كان في "الرسائل" قصور في غرس مبادئ الشرف واللياقة والشجاعة والوفاء. ولكن ليس صحيحاً أن تشسترفيلد حسب الثراء أو المنصب فضيلة أو حكمة. وقد امتدح ملتن، ونيوتن، ولوك أكثر كثيراً مما امتدح سياسيّ زمانه، ورأيناه ينشد صداقة خيرة كتاب عصره. وقد أوتي تقديراً حاراً للأدب الجيد، حتى ولو لم يفتنه معجم من معاجم اللغة. وقد كتب هو نفسه إنجليزية لم يبزها كاتب في النثر المعاصر له، لغة بسيطة، قوية، واضحة، فيها من الخفة والمرح القدر الذي يكفي لتعويم الفكر الذي يثقله. وقد آثر الألفاظ الأنجلو-سكسونية القصيرة المفعمة بالحيوية رغم إحاطته بالكثير من اللغات، وغزارة علمه بالكلاسيكيات. وفي رأي فولتير أن الرسائل "أفضل ما كتب إطلاقاً في التربية (١٢٤)". ووصفها سانت-بوف بأنها "كتاب غني، لا تقرأ فيه صفحة دون تحملك قراءتها على أن تتذكر ملاحظة سعيدة (١٢٥)".
ولو حكمنا على عمل ما بثمراته المباشرة لقلنا أن الرسائل فشلت. ذلك أن الفتى فليب ستانهوب لم يتغلب قط على روحه البليدة، وعاداته الرثة، وأسلوبه المتثاقل، وحديثه المتردد، فبعد كل هذا الحث والحض، كما تقول فاني بيرني، "كان حظه من حسن التربية ضئيلاً كأي رجل لقيته (١٢٦)". ويبدو أن انحرافاً سببه مولد الفتى أو ظرفه أبطل فعل خمسة أرطال من التعاليم. لقد كان فليب يعاني من معوق هو أن له أباً غنياً ومكاناً مضموناً ومريحاً، فلا خوف الجوع ولا كره الخضوع حفزاه إلى الطموح والمغامرة؛ لقد افتقد الدفعة الحية للروح " vivide vis animi" كما قال له أبوه المغلوب على أمره