"تلك القوة التي تهمز الشباب وتثيرهم للإرضاء، والتألق، والتفوق (١٢٧) ". ومن المؤثر أن نرى الأيرل المسن يغدق كل هذه النصائح الحكيمة والحب الأبوي فلا يجني غير هذه الثمرة الهزيلة. كتب لولده حين كان في الرابعة عشرة "ثق أنني سأحبك حباً جماً ما دمت تستأهله، ولكن لن أحبك لحظة واحدة بعد هذا (١٢٨) "، على أن رسالته الأخيرة لولده بعد اثنتين وعشرين عاماً فيها حرارة المحبة والتوسل (١٢٩). ولم يمض عليها شهر حتى مات فليب في باريس (١٧٦٨) وهو في السادسة والثلاثين تاركاً أرملة وولدين. فلقد تزوج دون علم أبيه، ولكن تشسترفيلد غفر له، وراح الايرل الآن يكتب للزوجة الثكلى رسائل هي نماذج في المجاملة والاحترام (١٣٠).
أما هو فكان في تلك الفترة كثير التردد على باث بعد أن أقعده النقرس وأصابه الصمم إلى حد محزن. "إنني أزحف في هذا المكان على أرجلي الثلاث، ولكن يعزيني عن محنتي هذه إخواني الزاحفون معي؛ إن نهاية لغز أبي الهول تقترب، وسأختم حياتي بعد قليل كما بدأتها، على أربع (١٣١) ". وقد اهتم بتربية حفيديه، ولا غرو فالأمل لا يخبو أبداً في الصدر العجوز. فلما عاد إلى ضيعته في بلاكهيث اتبع نصيحة فولتير وزرع حديقته فخوراً بشمامه وتفاحه، وقال إنه قانع بأن "يحيا حياة راكدة في صحبتهما (١٣٢) ". وكتب له فولتير رسائل معزية، مذكراً إياه بأن الهضم الجيد (الذي احتفظ به الإيرل) أجلب للذة من الآذان السليمة. وقابل النهاية بمرح لم يفتر. قال عن نفسه وعن صديقه اللورد تيرولي، وكان مثله شيخاً مقعداً، (وربما كان في قوله هذا متذكر فونتنيل)"لقد كنت وتيرولي ميتين في السنتين الأخيرتين، ولكنا لا نود أن يعرف عنا هذا (١٣٣) ". ومات في ٢٤ مارس ١٩٧٣ بالغاً التاسعة والسبعين، غير عالم أن رسائله التي منع نشرها قد احتفظ بها ابنه وتركها في وصيته، وأنها بعد طبعها في العام التالي ستسلكه في عداد أساطين الحكمة الدنيوية وفحول النثر الإنجليزي.