للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المظهر الخارجي لأخلاق الأمة وإن لم يدرك الناس هذا (١٤١)، وهي تضفي على الحكيم لطف الرجل المهذب؛ وما من شك في أن المرء ابن عادته. أما من الوجهة السياسية "فآداب اللياقة حواجز تقوم بين الناس وبين الانغماس في المفاسد"، و"من ظن أن الحواجز القديمة لا نفع فيها فهدّمها حلّت به الكوارث الناشئة من طغيان المياه الجارفة" (١٤٢).

ويكاد الإنسان أن يسمع هذا القول الصارم الذي نطق به المعلم الغاضب يتردد هذه الأيام في جنبات "بهو الآداب القديمة" التي نقشت ألفاظها على حجارته، والتي دنستها أوضار الثورة وحقرتها.

ومع هذا فقد كان لكنفوشيوس أيضا أحلامه ومثله العليا في الحكومات والدول. فقد كان يعطف بعض الأحيان على الذين إذا اقتنعوا بأن الأسرة الحاكمة فقدت "الأمر الأعلى" أي "أمر السماء"، قوضوا أركان نظام من نظم الحكم لكي يقيموا على أنقاضه نظاماً خيراً منه. وقد اعتنق في آخر الأمر المبادئ الاشتراكية وأطلق فيها لخياله العنان!

"إذا ساد المبدأ الأعظم (مبدأ التماثل الأعظم) أصبح العالم كله جمهورية واحدة؛ واختار الناس لحكمهم ذوي المواهب والفضائل والكفايات (١)؛ وأخذوا يتحدثون عن الحكومة المخلصة، ويعملون على نشر لواء السلم الشامل. وحينئذ لا يرى الناس أن آباءهم هم من ولدوهم دون غيرهم، أو أن أبناءهم هم من ولدوا لهم، بل تراهم يهيئون سبل العيش للمسنين حتى يستوفوا آجالهم، ويهيئون العمل للكهول، ووسائل النماء للصغار، ويكفلون الحياة للأرامل من الرجال والنساء واليتامى وعديمي الأبناء، ومن أقعدهم المرض عن العمل. هنالك يكون لكل إنسان حقه، وهنالك تصان شخصية المرأة فلا يتعدى عليها.


(١) ما أشبه هذا بما يدعو إليه بعض الكتاب في هذا الجيل- أمثال هـ. ج. ولز- من إنشاء حكومة عالمية. (المترجم)