و"المثودي"). وكان أول رئيس للوزراء يتخذ داوننج ستريت قصراً رسمياً له.
ويلقي خلقه بعض الضوء على فن النجاح السياسي. فهو لم ينفق في الجامعة غير سنة، وكان ضعيفاً من حيث الإعداد التعليمي المعهود في رؤساء الوزارات البريطانيين. ولم يكن في سلوكه أو كلامه كبير تأنق. يقول ماكولي إنه "إذا كف عن حديث السياسة لم يستطع أن يتحدث إلا عن النساء، وكان يفيض في موضوعه المحبب بحرية صدمت حتى ذلك الجيل الذي لم يتحرج في ألفاظه (٢٨) ". ولم ير ابنه هوراس أن فيه قصوراً لأنه لم يقرأ من الكتب إلا القليل، "فلقد عرف البشر، لا كتاباتهم، واسترشد بمصالحهم لا بنظمهم (٢٩) ". وكان ملماً بقدر من اللاتينية يكفي لاستعمالها وسيط تفاهم بينه وبين جورج الأول، لأن ذلك الملك كان يجهل الإنجليزية، وولبول لم يعرف لا الألمانية ولا الفرنسية. وكانت له صفات جون بول، اللهم إلا المشاكسة، فهو بدين، صريح، مخلص، ودود، عملي، يستمتع بالولائم والشراب، ولكنه يكد ويكدح إذا دعاه داعي العمل؛ وربما كان فيه أيضاً من أوجه الشبه بجون بول أنه آثر خشخشة كيسه على صليل سيفه.
أما الأخلاق فلم يكد يملك منها أي حظ. فقد عاش سنين في زنا مفضوح دون أن يبدي كبير احترام للياقة المهذبة التي تراعيها الأرستقراطية في رذيلتها. وكان يمزح مع الملكة كارولين عن خليلات زوجها، فلما ماتت نصح بناتها بدعوة وصيفات الشرف ليسرين عن الملك المحزون. وكان يسخر من الدين، وحين دنت منية كارولين أرسل في طلب رئيس أساقفة كنتربري قائلاً "لا بأس بتمثيل هذه المهزلة، وإن رئيس الأساقفة لكفيل بحسن تمثيلها. ولكم أن تطلبوه بأسرع ما تريدون. فلن يضر الملكة، ولن ينفعها، وسيرضي هذا جميع المغفلين العقلاء الطيبين، الذين سينعتوننا بالكفر إذا لم نتظاهر بأننا مثلهم من كبار المغفلين (٣٠) ". ولم يكترث للدوافع النبيلة أو إدعاءات التجرد من الأنانية. وقد توسل بمنصب الدولة لجمع ثروة خاصة كما فعل ملبره. ووجد المناصب السياسية المجزية لولده هوراس وغيره من ذوي قرباه. وأنفق