٢٠٠. ٠٠٠ جنيه ليشيد بيوتاً فخمة في ضيعة بهوتون، وزينها بلوحات قدرها هوراس بمبلغ ٤٠. ٠٠٠ جنيه، وكان بيته فيها مفتوحاً لأهل نورفوك جميعاً (٣١). وكان في سخاء جون بول لأنه (إذا صدقنا خصومه) لم يستطع أن يفرق تفريقاً واضحاً بين مال جون بول وماله الخاص.
واستعمل المال ليشتري أعضاء البرلمان كما استعمله ريشليو ليشتري الجيوش، وهنري الرابع ليسكت الأعداء. وكان ولبول يستخدمه ملاذاً أخيراً بعد أن تعييه الجج الأكثر ليناً. ذلك أن الفساد البرلماني الذي ظهر في عهد تشارلز الثاني بلغ النقطة التي لم يمكن عندها التعامل مع البرلمان، خيراً كان الهدف أم شراً، إلا "بالتشحيم" على نطاق واسع. واحتفظ ولبول باحتياطي سري-وحتى بحجرة خاصة-لشراء الكراسي والأصوات ومحرري الصحف، وقيل أنه أنفق ٥٠. ٠٠٠ جنيه كل عام لإعانة الدوريات لتشرح وجهة نظره (٣٢). وفي ١٧٢٥ حث جورج الأول على إنشاء "وسام الحمام الأسمى" الذي يتألف من الملك، ورئيس أكبر، وستة وثلاثين فارساً من الزملاء، فقد رأى لولبول، كما رأى نابليون من بعده، أن حكم الرجال بالأوشحة أقل تكلفة من حكمهم بالمال.
وقد استخدم هذه الأساليب الفاسدة ليحتفظ لإنجلترا بالرخاء والهدوء. ولم تبرر غاياته وسائطه، ولكنها كشفت عن الجانب الأفضل في خلقه. فلقد كان رجلاً حسن النية، عقد العزم على أن يحفظ لبلده الاستقرار والثبات رغم كل زعازع السياسة الحزبية، وأنواء المصالح الطبقية، وصيحات غلاة الوطنية المطالبين بالحرب. وقال إن شعاره أن يترك الشرّ نائماً. وإذا كان هذا المبدأ قد ترك حكمه غير متميز بفتوح أو إصلاحات، فإنه اكتسب ثناء المنصفين. واضطر خصومه إلى الاعتراف بأنه لم يكن محباً للثأر ولا حقوداً، وأنه كان أجدر بالثقة، لا بل أكثر إيماناً، في صداقاته مما ينتظر من إنسان خبر جوانب البشر الأكثر انحطاطاً (٢٣). ولم يكن لديه خطط بعيدة للمجد والعظمة، ولكنه عالج كل مشكلة حين تعرض له بالكثير من الدهاء والتسامح واللياقة، حتى اغتفرت له إنجلترا في النهاية كل أخطائه إلا حبه للسلام.
وقد وفق تشريعه الاقتصادي بين الأعيان وملاك الأرض وطبقة