الوجهة السياسية، كما احتفظ رهبان العصور الوسطى بجذوة الثقافة القديمة وبقليل من النظام الاجتماعي في العصور المظلمة التي تلت سقوط رومة.
وكانت في البلاد طائفة أخرى هي طائفة "القانونيين" استطاعت أن تناهض وقتاً ما آراء كنفوشيوس في عالم السياسة، وأن تسير الدولة حسب مبادئها هي في بعض الأحيان.
ومن أقوالهم في الرد على كنفوشيوس أن نظام الحكم على المثل الذي يضربه الحاكمون، وعلى الصلاح الذي تنطوي عليه قلوب المحكومين، يعرّض الدولة لأشد الأخطار، إذ ليس في التاريخ أمثلة كثيرة تشهد بنجاح الحكومات التي تسترشد في أعمالها بهذه المبادئ المثالية. وهم يقولون أن الحكم يجب أن يستند إلى القوانين لا إلى الحكام، وإن الناس يجب أن يرغموا على إطاعة القوانين حتى تصبح إطاعتها طبيعة ثانية للمجتمع فيطيعوها راضين مختارين. ولم يبلغ الناس من الذكاء مبلغاً يمكنهم من أن يحسنوا حكم أنفسهم، ولهذا فإنهم لا يصيبون الرخاء إلا تحت حكم جماعة من الأشراف؛ وحتى التجار أنفسهم، وإن أثروا، لا يدل ثراؤهم على أنهم متفوقون في ذكائهم، فهم يسعون وراء مصالحهم الخاصة، وكثيرا ما يتعارض سعيهم هذا مع مصالح الدولة.
ويقول بعض القانونيين إنه قد يكون من الخير للدولة أن تجعل رؤوس الأموال ملكاً عاماً للمجتمع، وأن تحتكر هي التجارة، وأن تمنع التلاعب بالأثمان وتركيز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد (١٤٤).
هذه آراء ظهرت ثم اختفت ثم عادت إلى الظهور مرة بعد مرة في تاريخ الحكومة الصينية.
ولكن فلسفة كنفوشيوس كتب لها النصر آخر الأمر. وسنرى فيما بعد كيف سعى شي هوانج- دي، صاحب الحول والطول، يعاونه رئيس وزراء من