للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طائفة القانونيين، للقضاء على نفوذ كنفوشيوس، فأمر أن يحرق كل ما كان موجوداً وقتئذ من الكتابات الكنفوشية. ولكن تبين مرة أخرى أن قوة اللسان أعظم من قوة السنان.

ولم يكن لعداء "الإمبراطور الأول" من نتيجة إلاّ أن يجعل الكتب التي أراد أن يعدمها كتباً مقدسة قيمة، وأن يستشهد الناس في سبيل المحافظة عليها. حتى إذا انقضى عهد شي هوانج- دي، وعهد أسرته القصير الأجل، وجلس على العرش إمبراطور أحكم منه، أخرج الآداب الكنفوشية من مخابئها وعيّن العلماء الكنفوشيين في مناصب الدولة، وثبّت حكم أسرة هان، وقوى دعائمه، بأن أدخل آراء كنفوشيوس وأساليبه الحكيمة في برامج تعليم الشبان الصينيين وفي الحكومة. وقربت القرابين تكريماً لكنفوشيوس، وأمر الإمبراطور بأن تنقش نصوص الكتب القديمة على الحجارة، وأصبحت الكنفوشية دين الدولة الرسمي. وناهض الكنفوشية في بعض الأحيان نفوذ الدَّوية، كما طغى عليها أحياناً أخرى سلطان البوذية، حتى إذا كان عهد أسرة تانج أعادتها إلى مكانتها السابقة، وأعلت من شأنها.

ولما جلس على العرش تاي دزونج الأعظم أمر أن يشاد هيكل لكنفوشيوس في كل مدينة وقرية في جميع أنحاء الإمبراطورية، وأن يقرب له فيها القرابين العلماء والموظفون. وفي عهد أسرة زونج نشأت مدرسة قوية للكنفوشية الجديدة أضافت شروحاً وتعليقات لا حصر لها على الكتب الكنفوشية القديمة، وعملت على نشر فلسفة أستاذها الأكبر وما أضافته إليها من شروح مختلفة في بلاد الشرق الأقصى، وبعثت في اليابان نهضة فلسفية قوية. وظلت مبادئ كنفوشيوس من مبدأ قيام أسرة هان إلى سقوط أسرة منشو- أي ما يقرب من ألفي عام- تسيطر على العقلية الصينية وتصوغها في قالبها.