وكان كل الإنجليز ملزمين بالعبادة الأنجليكانية حسب نص القانون. فكل متخلف عن صلوات الأحد عرضة لتغريمه شلناً عن كل تهرب، وكل من يسمح لهذا المتخلف بمساكنته يعاقب بغرامة عشرين جنيهاً في الشهر (١١)؛ على أن هذه القوانين ندر أن طبقت. وكانت العبادة الكاثوليكية محرمة، قانوناً أيضاً لا تطبيقاً. فالقس الكاثوليكي الذي يؤدي وظيفة كهنوتية عقابه الحبس المؤبد. ومثل هذه العقوبة فرضت لثني أي كاثوليكي عن فتح مدرسة؛ وحرم على الوالدين إرسال أبنائهم إلى الخارج ليتعلموا تعليماً كاثوليكياً وإلا غرموا ١٠٠ جنيه. ولا يحق شراء الأرض أو ورثها إلا للمواطنين الذين أقسموا يميني الولاء والسيادة (اللتين تعترفان بملك إنجلترا رأساً للكنيسة) وقرروا رفضهم لعقيدة التحول. وكل كاثوليكي يرفض أداء هاتين اليمينين يحرم من المناصب المدنية أو العسكرية، ومن ممارسة المحاماة، ومن إقامة أي دعوى أمام القضاء، ومن العيش في نطاق عشرة أميال من لندن؛ يضاف إلى هذا أن هذا الكاثوليكي يجوز في أي وقت نفيه من إنجلترا والحكم عليه بالإعدام إذا عاد إليها. على أن الذي حدث فعلاً أيام جورج الأول والثاني هو أن الكاثوليك كانوا يورثون ثروتهم وعقيدتهم بانتظام لأبنائهم، ويستطيعون الاستماع إلى القداس في كنائسهم الصغيرة وبيوتهم دون معوق، وأن الكثيرين منهم أدوا اليمينين المطلوبتين مع تحفظ بينهم وبين أنفسهم (١٢).
وكان كل البروتستنت الإنجليز الغيورين الآن يتبعون المذاهب المنشقة على الكنيسة الرسمية. وقد ضحك فولتير واغتبط لكثرة عددهم: مستقلون (بيورتان)، ومشيخيون، ومعمدانيون، ومجمعيون، وكويكريون، وتوحيديون. فأما المشيخيون (البرزبتيريون) فكانوا في طريقهم إلى التسامح بعد أن فقدوا سلطتهم السياسية، ولم يأخذوا عقيدة الجبر مأخذ الجد الشديد، وكان كثير منهم قانعاً في صمت بمسيح بشري (١٣). وفي ١٧١٩ قرر مجمع للقساوسة المشيخيين بأغلبية ٧٧ إلى ٦٩ أن التعهد بالتزام عقيدة الثالوث التقليدية ينبغي ألا يكون شرطاً يفرض على المرشحين رعاة للكنيسة (١٤). وأما الكويكريون فكانوا في نمو لا في العدد بل في الثراء، وكلما ارتقوا في مدارج المجتمع أصبحوا أكثر تقبلاً لأساليب حياة البشر وذنوبهم. على أن ميلاً إلى الاكتئاب