متفائلة، فافترض في الإنسان "إحساساً باطنياً بالصواب والخطأ … فطرياً فيناً كالمحبة الفطرية، وهو مبدأ أول في كياننا". ورد ماندفيل على بأنه هراء بديع؛ فالطبيعة البشرية قبل التربية والتدريب الخلقي لا تميز بين الفضيلة والرذيلة، إنما تحكم المصالح الذاتية دون غيرها. وقد وافق اللاهوتيون على أن الإنسان بطبيعته "شرير"(متمرد على القانون)، ولكنه بدلاً من أن يهدد الناس بالجحيم، هنأهم على الملائمة البارعة بين رذيلة الفرد وخير المجتمع. فالبغاء السري مثلاً يحمي العفة العامة، والنهم للإنتاج والخدمات يحفز الاختراع، ويدعم الصناعة والتجارة؛ والثروات الكبيرة تتيح البر بالناس والفن الضخم. وبينما بشر اللاهوتيون بالتقشف، دافع ماندفيل عن الترف، وحجته أن الرغبة في الكماليات (وهي أن شيء خلاف الضروريات المجردة للحياة) هي أصل الصناعة والحضارة؛ فلو أزلنا الترف كله عدنا همجاً. وبينما يُفترض في الأخلاقيين أن يدينوا الحرب قال ماندفيل أن الأمم عاشت بفضل قدرتها على شن الحرب، لأن معظم الدول وحوش ضارية.
ولم ير في الطبيعة أي فضيلة. فالخير والشر كلمتان تصدقان على الأفعال الاجتماعية أو المعادية لمصلحة المجتمع في الإنسان، أما الطبيعة نفسها فلا تأبه بكلماتنا أو عظاتنا، وهي تحدد الفضيلة بأنها أي صفة تعين على البقاء؛ وعالم الطبيعة في عباراتنا المتحيزة مسرح للجشع والشهوة والقسوة والقتل والتبديد الذي لا معنى له. ومع ذلك فمن ذلك الصراع الرهيب، كما يقول ماندفيل، طور الإنسان اللغة والنظام الاجتماعي والنواميس الأخلاقية أدوات للتماسك الاجتماعي وبقاء المجتمع. والثناء واللوم لا تبررهما الطبيعة، ولكنهما مبرران باعتبارهما وسائل نستعين بها-لأنها تروق غرور الإنسان وخوفه وكبرياءه، -على أن نشجع في غيرنا ألواناً من العلم مفيدة لنا أو للجماعة.
ومعظم الذين سمعوا بماندفيل رموه بالنزعة المادية الكلبية، ولكن فولتير اتفق معه على نفع الكماليات، وصفق فيزوقراطيو فرنسا القائلون بسياسة "عدم التدخل" لرأبه في أن عدم التدخل في طمع الإنسان