إحدى الحفلات بعد أن دخل هيوم عقب دالمبير بآية من الإنجيل الرابع (يوحنا)"والكلمة صار جسداً" وقيل إن إحدى السيدات المعجبات بهيوم ردت عنها على الملاحظة بحضور بديهة عجيب "والكلمة صار محبوباً (١٤٦) ". لا عجب أن يكتب هيوم، الذي ناكده خصومه في أدنبرة، وكرهون في لندن، "إن الحياة في باريس تبعث على الرضي الحقيقي لوفرة مجتمع الأشخاص المعقولين الأذكياء المهذبين، الذين تزخر بهم المدينة (١٤٧) ".
وفي نوفمبر ١٩٦٥ أقبل سفير بريطاني جديد، فأنهى استخدام هيوم فعاد إلى أدنبرة، ولكن في ١٧٦٧ قبل وظيفة وكيل في وزارة الخارجية بلندن. في هذه الفترة أتى بروسو إلى إنجلترا، فخلق له متاعب مشهورة، ولا بد من إرجاء هذه القصة الآن. وفي أغسطس ١٧٦٩، حين بلغ الثانية والخمسين، عاد نهائياً إلى أدنبرة، وقد غدا الآن "غنياً جداً (لأنني كنت أملك دخلاً قدره ألف جنيه في العام) صحيح البدن، أتوقع- رغم أني طعنت في السن بعض الشيء- أن استمتع طويلاً بالراحة، وأن أرى شهرتي في اتساع (١٤٨) ".
وأصبح بيته في شارع سانت ديفد صالوناً يجتمع فيه من حوله آدم سمث ووليم روبرتسن وغيرهما من مشاهير الاسكتلنديين كأنه ملكهم المعترف به. ولم يحبوه لرجاحة ذهنه فحسب، فقد رأوا أنه رغم استدلالات العقلية المحطمة للمقدسات، محدث ظريف بشوش معتدل في الجدل متسامح مع الآراء المعارضة، لا يسمح للخلاف في الأفكار بالانتقاص من حرارة صداقاته. ويبدو أنه (كمونتيني وفولتير) كان يضع الصداقة فوق الحب. "إن الصداقة بهجة الحياة الإنسانية الكبرى (١٤٩) ". ومع ذلك كان محبوباً من النساء، ربما لأنه لم يكن متزوجاً. وكان الضيف الأثير في بيوت كثيرة، وإذا كانت سمنته تتلف المقاعد (١٥٠)، فإن خفة روحه عوضت عن ثقل بدنه، وقد اقترح ضريبة على السمنة، ولكنه توقع أن "بعض القساوسة قد يدعون أن الكنيسة في خطر"، وكان يبارك ذكرى يوليوس قيصر لأنه آثر السمان من الرجال- قال آدم سمث:"كنت على الجملة أعده دائماً .. أقرب ما تسمح به طبيعة الضعف البشري من فكرة عن الرجل الكامل الحكمة والفضيلة (١٥١) ".