الناشر" تدل على عائدة المؤلف، أما الذي يخرج الكتاب فهو بائع الكتب أو تاجرها bookseller. وألف بعض باعة الكتب، كأبي جونسن، أن يحملوا بضاعتهم إلى الأسواق، أو يسرحوا بها من مدينة إلى مدينة، ويفتحوا كشكاً في أيام السوق، وكان الثمن الذي يطلبوه عن كتاب مجلد يتفاوت بين شلنين وخمسة، ولكن الشلن عام ١٧٥٠ كان يساوي دولاراً وربعاً تقريباً. وكان البرلمان قد أقر قانوناً بحقوق الطبع في ١٧١٠، وكفل للمؤلف أو من يخصصهم حقوق الملكية في كتابه أربعة عشر عاماً، تمتد إلى ثمانية وعشرين عاماً إذا عمر بعد الفترة الأولى. على أن هذا القانون لم يحمه إلا في المملكة المتحدة، وكان في استطاعة الطباعين في إيرلندة وهولندا أن ينشروا طبعات مسروقة ويبيعوها (حتى ١٧٣٩) في إنجلترا منافسين بذلك بائع الكتب الذي دفع الثمن الكتاب.
في هذه الظروف المنطوية على المجازفة تشدد باعة الكتب في مساوماتهم مع المؤلفين. وكان الكتاب يبيع حقه في الكتاب عادة بمبلغ محدد، فإذا راج الكتاب على غير توقع فقد ينفح البائع المؤلف بمبلغ إضافي، ولكن هذا لم يكن لزاماً عليه. أما ثمن الكتاب الذي يؤلفه مؤلف معروف فكان يتفاوت بين مائة ومائتي جنيه. وقد تسلم هيوم خمسمائة جنيه ثمناً للمجلد من كتابه "تاريخ إنجلترا" وهو ثمن مرتفع ارتفاعاً استثنائياً. وكان للمؤلف الحق في قبول الاكتتابات لكتابه، كما فعل بوب في ترجمة للألياذة؛ وفي هذه الحالات كان المكتتب يدفع عادة نصف ثمن الشراء سلفاً، والنصف الثاني عند تسلمه الكتاب، وكان المؤلف يتولى الدفع للطابع.
وعاشت الكثرة العظمى من المؤلفين في فقر مسخط. من ذلك أن سيمون أوكلي، الذي ظل عاكفاً عشر سنوات على تأليف كتابه "تاريخ المسلمين"(١٧٠٨ - ٥٧)، اضطر إلى استكماله في سجن المدينين؛ وكان رتشرد سفدج يتسكع في الشوارع ليلاً لافتقاره إلى مسكن، وظل جونسون ثلاثين عاماً يعاني مرارة الفقر قبل أن يصبح أمير الأدب الإنجليزي. وكان شارع جراب (شارع ملتن الآن) الموطن التاريخي "للشعر والفقر"(كما قال جونسن)، حيث الكتاب المأجورون-