للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليبارك العشب الذي يكسو ثراهم،

وتذهب "الحرية" برهة

لتقيم كالناسك الباكي على قبورهم".

وأكثر مما يذكر من شعراء الوجدان هؤلاء ذلك الروح الغريب الذي أسبغ على اكتئاب الشباب كثيراً من العبارات الرقيقة. ذلك هو توماس جراي، الذي كان أحد اثني عشر طفلاً ولدوا لكاتب عمومي لندني، مات منهم أحد عشر في طفولتهم. ولم يتخط توماس هذه السن الخطرة إلا لأن أمه استعملت مقصها لتفتح وريده بعد أن رأته يتشنج. فلما بلغ الحادية عشرة ذهب غلى ايتن، حيث بدأت صداقاته المشئومة مع هوراس ولبول ورتشرد وست ثم مضي إلى كمبردج، التي وجدها "مملؤة بالمخلوقات المكتئبة والمعلمين المجدبين". وأراد أن يدرس القانون، ولكنه انزلق إلى دراسة الحشرات وقرض الشعر، وانتهى إلى التبحر في اللغات والعلوم والتاريخ إلى حد خنق العلم فيه شعره.

وفي ١٧٣٩ جاب أوربا مع هوراس ولبول. فلما عبر جبال الألب في الشتاء كتب يقول "ما من جرف، ولا سيل ولا منحدر فيها ألا وهو مفعم بالدين والشعر"، وفي ١٧٤٠ حين كتب من روما أدخل إلى اللغة الإنجليزية كلمة جديدة هي picturesque ( أي الشبيه بالصورة الرائعة). ولم يكن قاموس جونسن يعرف هذه الكلمة حتى في ١٧٥٥. وفي ريدجو ايميليا تشاجر مع ولبول، فقد كان هوراس شديد الوعي بنبالته، وتوماس شديد الفخر بفقره، ووشي "صديق للطرفين" لكل منها برأي الآخر المستتر فيه، فافترقا، وواصل جراي رحلته منفرداً إلى البندقية وجرينوبل ولندن.

وبغضه في الحياة موت صديقه وست (١٧٤٢) في السادسة والعشرين من عمره. فاعتكف في بيت عم له في ستوك بوجز، وهناك، وسط دراساته المتصلة، كتب (١٧٤٢) "قصيدة غنائية في نظرة من بعيد لكلية ايتن". إذ نظر من مسافة مأمونة إلى هذه المشاهد المدرسية، فقد تذكر صديقه الذي قصف الموت عمره قبل الأوان، ووراء ألعاب هؤلاء الشباب ومرحهم رأى ببصر مكتئب مصائرهم الشقية:

"هؤلاء ستمزقهم الانفعالات والعواطف الجامحة،