للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"قاع" المسرح وأعلاه قرابة ألفي شخص جالسين؛ هنالك غلبت الطبقة الوسطى، وقررت بتصفيق الإحسان استقبال التمثيليات ونوعيتها؛ ومن هنا ازدياد المنافسة بين الموضوعات البورجوازية والرومانسية. واستولت النساء على كل الأدوار النسائية وعلى كثير من قلوب الرجال؛ وبدأ الآن سلطان الممثلات الشهيرات من أمثال كتي كلايف، وبج ووفنجتن- التي رسمها هوجارت، وحاك تشارلز ريد رواية حولها.

ولقد قال جاريك، بما أن "هواية الممثلين الأولي، والعظمى، والمسيطرة، هي الأكل (٦١) " فإنهم فضلوا التمثيليات المتبلة بالجنس. وقال آدمز، القسيس الذي رسمه الروائي فيلدنج: لم أسمع قط بتمثيليات تصلح لأن يقرأها مسيحي إلا تمثيليات أديسون، ورواية ستيل "العشاق الواعون". على أن فيلدنج ذاته كتب هزليات فاجرة (٦٢). وقد وصف فولتير المسارح في إنجلترا بأنها "مجردة من اللياقة". وناشد السرجون برنارد مجلس العموم في ١٧٣٥ بأن يكبح شيئاً من جماح المسارح، وزعم أن "الأمة البريطانية … أصبحت شديدة الإدمان على الملاهي الداعرة العاطلة … لقد أدهش أوربا كلها أن يتقاضى السنيورات والخصيان الإيطاليون رواتب تعادل رواتب وزراء الخزانة (٦٣) ". ولم يفعل أحد شيئاً في أمر الناظر والعبارات الخليعة، ولكن حين سخر فيلدنج وجاي المسرح للهجو السياسي فهاجما روبرت ولبول وجورج الثاني، استصدر الوزير، المتسامح عادة مع المعارضة، بطريق البرلمان قانون الرخص (١٧٣٧)، الذي وجه أمين البلاط إلى المزيد من التشدد في منح الأذن بالحفلات المسرحية (١).

وقد غالى ديدور في "موسوعته" في الثناء على مسرحية "التاجر اللندني"، التي أخرجت بلندن في ١٧٣١، والتي أثارت اهتمامه لأنها المسرحية التي أدخلت مأساة الطبقة الوسطى إلى المسرح البريطاني. وكانت الدراما الكلاسيكية الفرنسية قد أرست مبدأ مؤداه أن المأساة وقف على الأرستقراطية، وأنها تفقد مقامها ووقارها أن هي نزلت


(١) هذا القانون بصيغته المعدلة في ١٨٤٣ ما زال قانوناً بريطانياً، ولكنه يطبق بتساهل كبير.