للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السجن ثلاثة أشهر، وغرامة قدرها مائة جنيه (١٧٥٧). على أن حدة طبعه كانت ترافقها فضائل كثيرة، فقد كان كريماً رحيماً، أعان فقراء المؤلفين، وأصبح كما قال السر ولتر "أباً شديد التعلق بأبنائه، وزوجاً محباً لزوجته (١١٠) ". وكان منزله في لورنس لين بحي تشلسي ملتقى لصغار الكتاب الذين كانوا يصيبون من طعامه وإن لم يتبعوا نصائحه؛ وقد نظم بعضهم في فرقة من المساعدين الأدبيين. وكان رائداً بين الناشرين (ودرايدن بين الشعراء)؟) في إلزامه تجار الكتب بتأييده في شرط يليق بعبقريته. وكان أحياناً يكسب ستمائة جنيه في العام، ولكن كان عليه أن يكد ويكدح ليكسبها. وكتب ثلاث روايات أخرى، اثنتان منها لا تستحقان الذكر. وأقنع جاريك بأن يخرج تمثيليته "العقاب"، التي نجحت بفضل هجماتها على فرنسا؛ ثم كتب لعدة مجلات مقالات تتسم بروح التحرش والمشاكسة؛ ورأس تحرير صحيفة "البريطاني" لسان حال المحافظين. وترجم جيل بلاسي، وعدة مؤلفات لفولتير، ودون كخوته (مستعيناً بترجمة سابقة)، وكتب-أو أشرف على كتابة-تاريخ لإنجلترا من تسعة مجلدات (١٧٥٧ - ٦٥). ومن المؤكد أنه استخدم "مصنعه الأدبي" المؤلف من الكتاب المأجورين في جراب ستريت ليصنف "تاريخاً للعالم" وكتاباً ذات ثمانية مجلدات اسمه "الحالة الراهنة للأمم".

وحين بلغ الثانية والأربعين عام ١٧٦٣، كان قد دفع باعتلال صحته ثمن حياته المتطلعة، الحافلة بالمغامرة والجهد والشجار والكلام. ونصحه طبيبه بأن يستشير أخصائياً في مونبلييه يدعى الدكتور فيز. فمضي إليه، وأخبر الأخصائي أن ربوه، وسعاله، وبصاقه الصديدي، دليل على إصابته بالسل، واذكره العودة إلى رطوبة إنجلترا وخضرتها، فقد ظل عامين في القارة، يغطي نفقاته بكتابة "رحلات في فرنسا وإيطاليا" (١٧٦٦)، وقد أبدى هنا، كما أبدى في رواياته، تلك النظرة الحادة اللماحة التي ترى سمات خلق الأفراد والأمم ومميزاته؛ ولكنه تبل أوصافه بالشتائم الصريحة. وأخبر سائقي مركبات السفر، وزملاءه المسافرين، وأصحاب الفنادق، والخدم، والأجانب المتحمسين لأوطانهم، رأيه فيهم دون مواربة؛ واعترض على كل فاتورة حساب، وحطم الفن الفرنسي والإيطالي، وسخر من الكاثوليكية، وحكم على