فأجابه الملك بقوله:"أفصله من منصبه". ثم قال له منشيس:"وإذا لم يكن في داخل حدود (مملكتك) الأربعة حكومة صالحة فماذا تفعل؟ ". فتلفت الملك يمنة ويسرة وأخذ يتحدث عن أمور أخرى …
وسأله الملك شوان:"وهل من أجل ذلك أمر تانج بنفي جياه وضرب الملك "وُو" حاكم جو (سن)؟ فأجاب منشيس: "هكذا تقول السجلات".
وسأله الملك: "وهل يحق للوزير أن يقتل مليكه؟ " فأجابه منشيس: "إن الذي يخرج على ما أودع فيه من (طبيعة خيرة) يسمى لصاً؛ والذي يخرج على قواعد الاستقامة يسمى وغداً؛ وليس كل من اللص والوغد في عرفنا إلا شخصاً لا قيمة له؛ ولقد سمعت بتقطيع أوصال الشخص جو، ولكني لم أسمع بقتل ملك" (١٨٣).
تلك عقيدة ما أجرأها، ولقد كانت عاملاً كبيراً في تقرير المبدأ الذي يقره ملوك الصين وأهلها، وهو أن الحاكم الذي يستثير عداوة الشعب يفقد " حقه الإلهي " في الحكم، ومن حق الشعب أن يخلعه. فلا عجب والحالة هذه إذا غضب هونج وو، مؤسس أسرة منج، حين قرأ هذا الحديث الذي دار بين منشيس والملك شوان، وأمر أن يمحى اسم منشيس من مكانه في هيكل كنفوشيوس، وكانت لوحة تذكارية قد وضعت له في هذا المعبد بأمر ملكي في عام ١٠٨٤ م؛ ولكن اللوحة أعيدت إلى مكانها ولم يمض عام واحد على إزالتها، وظل منشيس من ذلك الوقت إلى ثورة عام ١٩١١ م يعد بطلاً من أبطال الصين وثاني اثنين ذاع صيتهما في جميع عهود تاريخها، وكان لهما أعظم الأثر في فلسفتها الصحيحة. وإليه وإلى جوشي (١) يرجع الفضل في احتفاظ كنفوشيوس بزعامته الفكرية في الصين أكثر من ألفي عام.
(١) انظر بعث الفلسفة في الفصل الأول من الباب الخامس عشر.