بهؤلاء الجيوش سيفرحون بوقف (القتال)، وسيجدون أعظم السرور في (السعي وراء) الكسب. فنرى الوزراء يخدمون الملك جرياً وراء الكسب الذي حبب إليهم والأبناء يخدمون آباءهم، والأخوة الصغار يخدمون الكبار من أخوتهم، لهذا السبب عينه. ونتيجة هذا أن الملك والوزراء، والأب والابن، والأخ الأكبر والأصغر ينسون كلهم بواعث الخير والصلاح، ويوجهون أعمالهم كلها نحو الكسب المحبب إليهم العزيز عليهم. ولم يوجد قط (مجتمع) كهذا إلا كان مآله الخراب" (١٧٧).
وكان يعترف بحق الشعوب في الثورة وينادي بهذا المبدأ في حضرة الملوك. وكان يندد بالحرب ويراها جريمة، ولشد ما صدم عقائد عباد الأبطال في أيامه حين كتب يقول: "من الناس من يقول أني بارع في تنظيم الجند، وأني ماهر في إدارة المعارك. أولئك هم كبار المجرمين" (١٧٨).
وقال في موضع آخر: "ليس ثمة حرب عادلة" (١٧٩). وكان يندد بترف حاشية الملوك، ويوجه أشد اللوم للملك الذي يطعم كلابه وخنازيره ويترك الناس يموتون جوعاً"(١٨٠). ولما قال أحد الملوك إنه لا يستطيع منع المجاعة أجابه منشيس بأنه ينبغي له أن يعتزل المُلك (١٨١). وكان يقول لتلاميذه:"إن الناس أهم عنصر (من عناصر الأمة)؛ .. وإن الملك أقل هذه العناصر شأناً"(١٨٢). وإن من حق الناس أن يخلعوا حكامهم، بل إن من حقهم أن يقتلوهم في بعض الأحايين.
"وسأل الملك شوان عن الوزراء العظام … فأجابه منشيس: "إذا كان الملك يرتكب أغلاطاً شنيعة وجب عليهم أن يعارضوه، فإذا لم يستمع إليهم بعد أن يفعلوا هذا مرة بعد مرة، وجب عليهم أن يخلعوه … ".
ثم واصل منشيس حديثه قائلا: "إذا فرض أن القاضي الأكبر الذي يحكم في الجرائم قد عجز عن السيطرة على الموظفين (الخاضعين له) فماذا تفعل به؟ ".