والموضوع هو "تيسيو (ثيوسيوس). وكانت حفلة الافتتاح نصراً له، ولكن المدير هرب بعد الليلة الثانية حاملاً إيصالات شباك التذاكر. وتسلم عمله مدير آخر اسمه جون هيديجر، وواصل عرض "تيسيو" حتى بلغت عروضها ثلاثة عشر، وكافأ المؤلف الذي لم ينقذ أجره بتنظيمه حفلة خيرية لإعانة "المستر هندل"، ظهر فيها المؤلف وهو يعزف على الهاربسيكورد. ودعا ايرل بيرلنتن، وكان مستمعاً متحمساً، هندل لينزل ضيفاً عليه في قصر بيرلنتن، وقبل هذه الدعوة، ووجد المسكن الطيب والطعام المترف، والتقى هناك ببوب، وجاي، وكنت، وغيرهم من أئمة الأدب والفن.
وأقبلت عليه الدنيا أيما إقبال. ذلك أن الملكة آن تاقت لوضع حد لحرب الوراثة الأسبانية، وأتت النهاية مع معاهدة أوترخت، فأبهج هندل آن بأن "تسبحة أوترخت" وبـ "أغنية الميلاد" في عيد ميلادها. وأثبت فيهما أنه درس "كوارس" بيرسيل. وأثابته الملكة العطوف بمعاش قدره بمائتا جنيه. أما وقد ظفر بالاطمئنان والرخاء، فإنه استراح الآن على مجدافيه طوال سنة من التهرب.
ولكن في أول أغسطس ١٧١٤ ماتت آن، وأصبح الناخب جورج لويس أمير هانوفر ملكاً على إنجلترا باسم جورج الأول. وتوجس هندل بعض الشيء من هذا الاتجاه الذي اتخذته الأحداث. فالواقع أنه هرب مع هانوفر، ولو أنه يتوقع أن يكون الملك غير راض عنه، وقد حدث هذا، ولكن جورج لزم الهدوء. وأعيدت تسمية مسرح هايماركت الآن فسمى "مسرح جلالة الملك"، وأحس الملك أنه ملزم ببسط رعايته على هذا المسرح، ولكنه كان يعرض أوبرا "رينالدو" التي لحنها لذلك المتهرب، فذهب جورج متنكراً إلا في لهجته، واستمتع بالعرض. وكان هندل خلال ذلك قد كتب أوبرا أخرى "أماديجي الغالي"، وأخرجها هيديجر في ٢٥ مايو ١٧١٥، وأحبها جورج. وبعد قليل طلب عازف الكمان والمؤلف الإيطالي فرنتشسكو جيمنياني، الذي دعى للعزف في البلاط، أن يصاحبه هندل، لأنه عازف الهاربسيكود الوحيد في إنجلترا الذي يصلح لمصاحبته. وكان له ما أراد، وأبدع هندل في العزف فعفا عنه الملك، ورفع معاشه على أربعمائة جنيه في السنة.