وهذه هي "موسيقى الحياة"، التي هي اليوم أبقى وألذ ما تخلف من مؤلفات هندل الآلية. ويبدو أنه كان هناك في الأصل إحدى وعشرون حركة-وهو عدد أكبر من أن يحتمله المستمعون العصريون الذين تعوزهم الذهبيات والوقت، ونحن لا نستمع عادة لأكثر من ست. وبعضها متعبة بعض الشيء في تطوافها المشجي، ولكن أكثرها موسيقى صحية مرحة متألقة، كأنها متدفقة من ينبوع لتهديد خليلات الملك. و "موسيقى المياه" أقدم قطعة موسيقية في الذخيرة الأوركسترالية الحالية.
وبعد جيل كامل، ومن أجل جورج ثان، أضفى هندل الكرامة على مناسبة خلوية أخرى. ذلك أن الحكومة قررت إقامة عرض للألعاب النارية في جرين بارك احتفلا بصلح اكس-لا-شابل، ووكلت هندل بتأليف "موسيقى الألعاب النارية الملكية". فلما عزفت بروفا هذه الموسيقى في حدائق فوكسهول (٢١ أبريل ١٧٤٩)، دفع اثنا عشر ألف شخص مبلغ الشلنين-الكبير في ذلك الوقت-للاستماع إليها؛ وبلغ التزاحم مبلغاً عطل المرور على الطريق الذي يعبر كوبري لندن ثلاث ساعات-"ولعل هذا كان أروع ثناء ظفر به أي موسيقي على الإطلاق (٦٧) ". وفي ٢٧ أبريل شق نصف سكان لندن طريقهم إلى جرين بارك، واقتضى الأمر هدم ست عشرة ياردة من سوق الحديقة لتمكينهم من الدخول في الميعاد. وعزفت "فرقة" من مائة موسيقي لحن هندل، وتألقت الألعاب النارية في السماء، وشبت النار في مبنى أقيم لهذه المناسبة، فذعر الجمع المحتشد وأوذي كثيرون ومات شخصان. ولم يبق من المهرجان إلا موسيقى هندل. وإذ كان هدف هذه الموسيقى أن تخلد حرباً ظافرة وأن تسمع عن بعد فقد كانت عبارة عن دوي هتافات وطنين طبول أشد ضجيجاً مما تحتمله الأذن التي ألفت الحركة البطيئة. ولكن فيها حركة بطيئة جداً تقع وقعاً محموداً على الأعصاب المرهقة.
وانتهت إنجلترا آخر الأمر إلى محبة الألماني العجوز الذي ناضل جاهداً ليكون إنجليزياً. لقد فشل في نضاله، ولكنه حاول، حتى إلى حد السب والشتم بالإنجليزية. وتعلمت لندن أن تغتفر له بدانته الهائلة،