ووجهه العريض وخديه المنتفخين، وساقيه المقوستين ومشيته الثقيلة، ومعطفه القرمزي المخملي، وعصاه الذهبية المقبض، وعجبه وتعاليه؛ لقد كان لهذا الرجل بعد كل المعارك التي خاضها الحق في الظهور بمظهر الفاتح، أو على الأقل بمظهر اللورد، نعم كان في سلوكه جلافة، وكان يدرب موسيقييه بالحب والغضب، ويوبخ جمهور المستمعين على كلامهم خلال البروفات، ويهدد مغنياته باستعمال العنف، ولكنه غلف عنفه بالفكاهة. فلما التحمت كوتزوني وبوردوني بالأيدي على خشبة المسرح قال هدوء "اتركوهما لتنهيا المعركة"، وراح يدق لحناً مصاحباً مرحاً على النقاريات ليرافق سورة غضبهما (٦٨). ولما هدده مغن بالوثب على الهاربسيكورد لأنه عزف هندل المصاحب اجتذب السامعين أكثر من غناء المغني، طلب إليه هندل أن يحدد تاريخ هذه التمثيلية المقترحة للإعلان عنها قائلاً أن "الذين سيأتون ليروك تقفز أكثر من الذين سيأتون ليسمعوك تغني (٦٩) ". وكانت ملاحظاته الظريفة تعدل في براعتها تعليقات جوناثان سويفت، ولكن الاستمتاع بها كان يقتضي الإلمام بأربع لغات.
وفي ١٧٥٢ بدأ يفقد بصره. فبينما كان يكتب "يفتاح" اختلطت الرؤية أمام عينيه حتى اضطر إلى الكف عن الكتابة. وفي المخطوطة الأصلية المحفوظة بالمتحف البريطاني أخطاء عجيبة-"سيقان رسمها بعيدة بعض الشيء عن النوتات التي تنتمي إليها، ونوتات واضح أنها ضلت طريقها (٧٠) ". وفي أسفل الصفحة سطر كتبه المؤلف "إلى هنا وصلت، الأربعاء ١٣ فبراير. منعتني عيني اليسرى من الاستمرار". وبعد عشرة أيام كتب على الهامش "٢٣ فبراير، حالتي أحسن قليلاً. استأنفت العمل". ثم ألف موسيقى لهذه الكلمات "فرحنا يضيع في الحزن … كما يضيع النهار في الليل (٧١) ". وفي ٤ نوفمبر كتبت صحيفة "الجنرال أدفرتيرز": "بالأمس أعد "لعملية السد أو الكتركت) السيد جورج فردريك هندل التي يجريها له الطبيب وليم برومفيلد جراح سمو أميرة ويلز". وبد أن الجراحة نجحت، ولكن في ٢٧ يناير ١٧٥٣ أعلنت جريدة لندنية أن "المستر هندل كيف بصره في النهاية تماماً لسوء الحظ". على أن التقارير اللاحقة تشير إلى أنه احتفظ ببصيص من النور حتى موته.