نطاق أراضيها. (٢٨) وأدت أديار الراهبات مهام كثيرة تؤدي الآن بطرق أخرى، فكانت توفر مأوى للأرامل، وللنساء اللائى افترقن عن أزواجهن، وللسيدات المراهقات مثل مدام دي ديفان التي رغبت في أن تنأى بنفسها عن
صخب الدنيا. ولم تنكر الديار متاع الحياة الدنيا وزينتها إنكاراً تاماً، فقد استخدمها الأثرياء مأوى لما زاد عن الحد من بناتهم، وإلا فإن زواجهن إذا لم يلجأن إلى الأديار يتطلب مهوراً تنقص من ميراث الأبناء، ولم يكن هؤلاء العذارى المنبوذات ميالات دائماً إلى التقشف. وكان للأم أوريني (رئيسة دير للراهبات) عربة تجرها أربعة جياد، فكانت تستقبل في جناحها الفاخر أفراداً من الجنسين. وكانت الراهبات في ألكس يرتدين التنورات ذوات الأطواق الموسعة والأردية الحريرية المبطنة بالفرو، وكن في أديار أخرى يتناولن العشاء ويرقصن مع ضباط من المعسكرات المجاورة (٢٩) وواضح أن هذه كانت ضروباً من التسلية البريئة غير الآثمة، فإن كثيراً من الأقاصيص التي رويت عن الفساد الخلقي في الأديار في القرن الثامن عشر كانت مبالغات شنيعة مثيرة استخدمت في حرب الدعاية بين المذاهب المتنابذة، وكانت الحالات التي لزم فيها البنات الدير على غير إرادتهن نادرة (٣٠).
وكان اليسوعيون قد ضعف سلطانهم ومكانتهم. إنهم ظلوا حتى ١٧٩٢ يسيطرون على التعليم، وكانوا يزودون الملك والملكة بكهنة اعتراف ذوي تأثير قوي، ولكنهم عانوا من فصاحة بسكال، ومن تشكك أوصياء العرش غير الأتقياء، وكانوا يخسرون معركتهم الطويلة المريرة مع الجانسنيين فإن هؤلاء الكاثوليك المتعصبين لعقيدتهم عمروا بعد الاضطهادات الملكية والمراسيم البابوية، وكان عددهم كبير في مجال الأعمال والمهن والاشتغال بالقانون، وكانوا يقتربون من الهيمنة على برلمان باريس وغيره من البرلمانات. وبعد موت زعيمهم اللاهوتي المتقشف فرانسوا دي باريس (١٧٢٧) حج الجانسنيون المتحمسون المغشي عليهم إلى جدته في مقبرة سان ميدارد، وهناك جلدوا أنفسهم بالسياط، حتى أصاب بعضهم نوبات من