بأن له:"جدرة (١) كإبريق من الفخار"(١٨٨)، وقصارى القول أن جونج أديب وفيلسوف معاً.
ولد هذا الفيلسوف في ولاية سونج، وتقلد وقتاً ما منصباً صغيراً في مدينة خيان. وزار قصور الملوك التي زارها منشيس، ولكن كلا الرجلين لا يذكر فيما بقي لنا من كتاباته اسم الآخر. ولعل كليهما كان يحب صاحبه كما يحب المعاصرون بعضهم بعضاً. ويروى عنه أنه رفض منصباً كبيراً مرتين. ولما عرض عليه دوق- ويه رياسة الوزارة ردّ على رسول الملك رداً مقتبضاً يدل على ما يتراءى للكاتب من أحلام:"اذهب من هنا لساعتك ولا تدنسني بوجودك، لخير لي أن أسلي نفسي وأمتعها في حفرة قذرة من أن أخضع لقواعد في بلاط ملك من الملوك"(١٨٩).
وبينما كان يصطاد السمك في يوم من الأيام إذ أقبل عليه رجلان من كبار الموظفين يحملان إليه رسالة من ملك خو يقول فيها:"أريد أن أحملك عبء جميع ملكي"، فأجابه جونج، كما يقول هو نفسه، دون أن يرفع نظره عن صيده:
"لقد سمعت أن في خو صدفة سلحفاة كأنها روح من الأرواح، وقد ماتت سلحفاتها منذ ثلاثة آلاف عام، وأن الملك يحتفظ بهذه الصدفة في معبد أسلافه، وأنه يضعها في سلة مغطاة بالقماش. فهل كان خيراً للسلحفاة أن تموت وتترك صدفتها تعظم على هذا النحو؟ أو هل كان خيراً لها أن تظل حية تجر ذيلها من خلفها في الوحل؟ " فأجاب الموظفان الكبيران: "لقد كان خيراً لها أن تعيش وتجر ذيلها من خلفها في الوحل" فقال لهما جونج: "اذهبا في سبيلكما، وسأظل أجر ذيلي ورائي في الوحل"(١٩٠).
(١) الجدرة تضخم الغدة الدرقية وهذا اللفظ من الألفاظ التي أقرها مجمع فؤاد الأول للغة العربية. (المترجم)