فرنسا ومستعمراتها تحت رحمة الأساطيل الإنجليزية. إنه وثق ثقة عمياء في قدرته على المحافظة على السلام بينه وبين إنجلترا.
وطيلة حكم روبرت وولبول في إنجلترا نجحت سياسة السلام التي انتهجها الكاردينال. فإن الرجلين، ولو أنهما كانا على طرفي نقيض في الخلق والطباع، اتفقا على أن السلام أمر مرغوب فيه. على أنه في ١٧٣٣، حضه مستشاروه في الشئون الخارجية على القيام بمحاولة فاترة لاجلاس ستانسلاس لزكزنسكي، وهو حمو الملك، على عرش بولندة، ولكن ستانسلاس اقترح إصلاح دستور بولندة وتشكيل حكومة قوية، وآثرت كل من روسيا والنمسا أن تكون بولندة عاجزة مهيضة الجناح، فرفضتا هذا الاقتراح. وفي حرب الوراثة البولندية (١٧٣٣ - ١٧٣٨) طردتا لزكزنسكي من وارسو ثم من دانزج. ولما كان فليري يعارض أي صراع خطير، فإنه نصح ستلانسلاس بأن يلجأ إلى نانسي ولونفيل حاملاً لقب "ملك اللورين". ولم تقع الكارثة، فإن لزكزنسكي والدول اتفقوا على أنه عند وفاته تعود إلى فرنسا اللورين التي كانت فرنسية إلى أبعد حد، وهذا ما حدث في ١٧٦٦.
وجاهد فليري الذي كان في الثامنة والثمانين قدر طاقته المتضائلة، أن ينأى بفرنسا عن حرب الوراثة النمساوية (١٧٤٠)، ولكن امرأة فرضت سلطانها عليه. ذلك أن فليسيتيه دي نسل مركيزة فنتيميل، التي كانت آنذاك تشارك الملك فراشه أصغت في بهجة وفرح إلى شارل أوجست فوكيه، كونت دي بل أيل، حفيد المختلس البارع نيقولا فوكيه الذي كان لويس الرابع عشر قد أحسن صنعاً بعزله. إن بل أيل هذا أبلغ المركيزة أن فليري رجل هرم أحمق، وأنه في مهاجمة فردريك الثاني ملك بروسيا للملكة الشابة ماريا تريزا ملكة النمسا، فرصة ذهبية لتمزيق إمبراطوريتها، وأن فرنسا ينبغي أن تنضم إلى فردريك، وتقتسم الغنائم. وصبت العشيقة الفاتنة هذه الكلمات في آذان الملك الولهان. وأقنعته بأن ينتزع زمام الأمور من بين يدي الكاردينال اللتين ترتعدان خوفاً وجبناً، ويستعيد مجد فرنسا.