للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يسئ استغلال منصب قط. (٨٦) وكان إلى أبعد الحدود أكثر تسامحاً ممن يحيطون به" (٨٧) وعامل فولتير معاملة ودية لطيفة وتغاضى عن ممارسة الطقوس البروتستانتية سراً، ولكنه لم يتسامح قط مع الجانسنيين.

ولم يعكف، بطريقته المتروية المتأنية، على تقرير السياسة فحسب، بل على إدارة الحكومة كذلك. وأختار معاونيه بعد حكم فاصل مدقق، وساسهم في حزم وكياسة. وفي عهده تابع هنري فرانسوا دي أجوسو مهمته الطويلة المدى (١٧٢٨ - ١٧٥١) في إصلاح القوانين وتنسيقها، وأعاد فيلبيرت أورى النظام والاستقرار إلى مالية الدولة. وتجنب فليري الحرب حتى أكره عليها بسبب الأطماع الأسرية في الأسرة الحاكمة، ومن ثم هيأ لفرنسا فترات سلام وهدوء طويلة، سمحت لها باستعادة الانتعاش الاقتصادي. وبدا أن نجاحه برر مقدماً الحجج التي رددها الفيزيوقراطيين "أن نحكم حكماً يسيراً معناه أن نحكم حكماً مطلقاً" (حرية التجارة والصناعة وعدم تدخل الحكومة فيهما). ووعد بوقف التضخم، وأوفى بوعده. واتسعت التجارة الداخلية والخارجية، وزاد الدخل. وحيث أنفق الإيرادات في قصد أكيد بعيد عن التبذير، وحد من نفقات مهرجانات الحاشية الملكية، فإنه استطاع أن يلغي ضريبة ال٢% على الدخل بالنسبة لكل الطبقات، وأن يخفف ضريبة الأملاك التي أبهظت كاهل الفلاحين. وأعاد إلى المدن الكبيرة والصغيرة الحق في انتخاب موظفيها الرسميين. وإقتداء بالمثل الذي ضربه فليري في الاستقامة تحسنت أخلاق رجال البلاط على كره منهم.

وفي مقابل هذه المفاخر والمزايا تطل بعض المآخذ الجسيمة برؤوسها. إنه أرخص للملتزمين العامين في الاستمرار في جمع الضرائب دون تدخل من جانب الوزارة. وتعزيزاً من للمشروع الضخم الذي وضعه المحافظون، أقر نظام السخرة الذي فرض على الفلاحين والعمل دون مقابل اللهم إلا الطعام. وأسس مدارس عسكرية لأبناء الأرستقراطية، ولكنه قبض يده بشكل مخل غير حكيم بإهماله إصلاح البحرية والتوسع فيها، وسرعان ما باتت تجارة