الأولى قيصرة روسيا وأياه ساندا مجلس الديت البولندي في مناهضة ارتقائه العرش، وطردت القوات البولندية من كورلند، الجندي الذي لم يكن ليقهر لولا هذه المقاومة، ولما عاد إلى باريس (١٧٢٨) وجد أن الممثلة الكبيرة كانت تنتظره مخلصة له، ولكنه كان قد ورث عن أبيه خلقه وتقلبه، ورضى بها صاحبة الحظوة الأولى بين عشيقاته.
ومع هذا الانحلال الخلقي الجدير بالازدراء وتقلبه بين أحضان النساء الواحدة بعد الأخرى دون أن يبادلهن إخلاصهن، أصبح موريس في ميدان القتال عبقرياً لا يجارى في استراتيجية الحرب، جريئاً في تفكيره، يقظاً لأي خطر يتهدده، وأية فرصة تسنح له. وقال عنه فردريك الأكبر منافسه الوحيد في ذاك العصر إنه "قادر على تلقين الدروس لأي قائد في أوربا"(١٠٠) وفي ربيع ١٧٤٥ عين قائداً عاماً للجيش الفرنسي، وصدرت إليه الأوامر بالتقدم نحو الجبهة. وكان على شفا الموت آنذاك في باريس، حيث أنهكه إفراطه في الشراب وآلام داء الاستسقاء المبرحة، وسأله فولتير كيف يذهب إلى ميدان القتال في مثل هذه الحالة، فأجابه موريس "ليس المهم أن أعيش ولكن المهم أن أبدأ"(١٠١). وفي ١١ مايو التحم بجيشه البالغ ٥٢ ألف رجل مع قوات الإنجليز والهولنديين البالغ عددهم ٤٦ ألفاً من الرجال الأشداء، في فونتنوي. وكان لويس والدوفين يتابعان سير المعركة الشهيرة على ربوة قريبة، أما موريس الذي أقعده الاستسقاء عن ركوب الخيل، فكان يديرها وهو على كرسي من الأغصان المجدولة. ويروي لنا فولتير، فيما كان يمكن أن يتطور إلى أسطورة وطنية، (١٠٢) أنه عندما أصبح مشاة العداء وجهاً لوجه على مرمى البنادق، صاح لورد تشارلز هاي قائد الحرس الإنجليزي "أيها الفرنسيون أطلقوا النار" فأجابه كونت دي أنتروخ عن الفرنسيين "أيها الرجال، نحن لن نبدأ بإطلاق النار، فهل تبدءون أنتم"(١٠٣) وأياً كان الأمر كياسة أو خدعة حربية، فإن الثمن كان غالياً، حيث قتل بالطلقات الأولى تسعة ضباط و٤٣٤ من المشاة، وجرح ٣٥ ضابطاً و٤٣٠ جندياً. (١٠٤) واضطرب المشاة الفرنسيون وتفرقوا وولوا الأدبار. وأرسل موريس إلى الملك يعرض عليه الانسحاب، فأبى لويس، حتى حين وصل