للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأغنياء، مركباتهن وحليهن ومجوهراتهن في طريق "كور-لا-رين" في باريس، أو في متنزه "لونجشامب" (١٦). وإذا حصلن على عضوية الكوميدي فرانسيز أو الأوبرا، حتى لتمثيل الأدوار القصيرة، اكتسبن الحصانة ضد الاعتقال بتهمة بيع مفاتنهن أو أعراضهن. وارتفع بعضهن ليكن نماذج للفنانين (لرسم الصور العارية)، أو يتخذهن النبلاء ورجال المال أخداناً لهم خاصة. واقتنص بعضهن أزواجاً، وحصلن على ألقاب وثروات، وأصبحت واحدة منهن بارونة سانت شاموند.

وكانت الزيجات القائمة على الحب، دون موافقة الأبوين، تزداد في عددها وفي الإنتاج الأدبي. وكان من الممكن الاعتراف بشرعيتها إذا عقدت أمام كاتب العدل أو الموثق. ولكن في معظم الأحوال، حتى بين الفلاحين ظل الآباء هم الذين يرتبون أمر الزواج باعتباره اتحاداً بين الممتلكات والأسرات، لا مجرد اتحاد الأفراد. فالأسرة، لا الفرد، هي وحدة المجتمع، ومن ثم كانوا يرون أن بقاء الأسرة وممتلكاتها أهم من الملذات العابرة أو العواطف السريعة الوهن عند الشباب المتهور. وفوق هذا قال فلاح لابنته "الحظ أقل عمى من الحب (١٧) ".

وكانت السن القانونية للزواج هي الرابعة عشرة للذكور والثالثة عشر للإناث. ولكن كان يمكن قانوناً أن تتم الخطبة في سن السابعة، وهي التي حددها فلاسفة العصور الوسطى مبدأ "سن العقل" وكانت الشهوة الجامحة عند الشبان تدفع بهم إلى مطاردة الآنسات مطاردة عنيفة، إلى حد أن الآباء زوجن بناتهن حالما كان ممكناً ميسوراً تفادياً لإنفضاض البكارة قبل الأوان، وهكذا كانت المركيزة دي سوفبيف أرملة في الثالثة عشرة من عمرها. ولزمت بنات الطبقتين الوسطى والعليا الدير حتى يتم اختيار الأزواج لهن، وعندئذ يعجل بهن من حياة الدير إلى حياة الزوجية، وكان لزاماً تشديد الحراسة عليهن في الطريق. وبهذا النظام القاسي المنافي للأخلاق السيئ، كان كل النساء تقريباً عذارى عند الزواج.

وإذ احتقرت الأرستقراطية الفرنسية التجارة والصناعة، ونادراً ما