غطت الدخول الإقطاعية نفقات الإقامة في البلاط وما تقتضيه من مظاهر، فإنها وطنت النفس على تزويج أبنائها للذين توافرت لهم الأرض ولم يتوافر لديهم المال، من بنات الطبقة البرجوازية العليا اللاتي لا يملكون أرضاً، ولكن يملكن كالاً. ولما اعترض ابن دوقة شولن على زواجه من ابنة التاجر بونييه ذات الصداق الكبير، أوضحت له أمه "أن زواج المنفعة ممن هي دونك مرتبة، هو مجرد حصولي على الروث لتسميد الأرض"(١٨). وفي مثل هذه الزيجات عادة، كان الزوج النبيل أو ذو اللقب، وهو يستغل أموال زوجته، يذكرها من حين لآخر بأصلها الوضيع، وسرعان ما يتخذ خليلة، وفي هذا خير شاهد على احتقاره لزوجته. ولم يغب هذا أيضاً عن ذاكرة الطبقة الوسطى حين ساعدت الثورة.
ولم يوصم الزنى بأية وصمة عار اجتماعي، في البيئة الأرستقراطية، بل كان أمراً مقبولاً باعتباره بديلاً ساراً عن الطلاق الذي حرمته الديانة الوطنية. وقد يتخذ الزوج الذي يخدم في الجيش أو في الأقاليم له خليلة، دون أن يبدي لزوجته سبباً مقبولاً للشكوى. وقد يفترقان الواحد منهما عن الآخر، بالخدمة في الحاشية أو في الضيعة، وهنا أيضاً قد يتخذ خليلة ومذ كان عقد الزواج يتم دون الزعم بأن العاطفة يمكن أن تتجاوز عن الثراء فإن كثيراً من الزوجين من النبلاء عاشا فترة طويلة من حياتهما منفصلين، وأباح كل منهما للآخر زلاته، شريطة أن تكون هذه الزلات مستورة بلباقة، كما تكون في حالة المرأة مقصورة على رجل واحد في نفس الوقت وأجرى مونتسكيو على لسان سائحه الفارسي قوله:"إن الرجل الذي يريد أن يستحوذ على زوجته له هو وحده يعتبر معكراً لصفو السعادة العامة، غبياً يريد أن يستأثر بالاستمتاع بضوء الشمس، ويحجبها عن سائر الناس (١٩) ". وسئل يوماً دوق دي لوزون الذي لم يكن رأى زوجته طيلة عشر سنين، ماذا يقول لو أن زوجته أرسلت إليه تنبئه بأنها حامل، فأجاب، مثل أي سيد ماجد في القرن الثامن عشر:"أكتب إليها لأقول إني مبتهج فرح لأن الله بارك زواجنا، اعتن بصحتك، سأحضر لأقدم لك إحتراماتي هذا المساء (٢٠) " فالغيرة كانت أمراً مرذولاً.