وكتبها في ثمانية مجلدات في السنوات التسع التالية. وفي ١٧٣١ نشر المجلدات الخامس والسادس والسابع من "المذكرات" سالفة الذكر ونشر المجلد السابع على حدة في باريس ١٧٣١ تحت اسم "مغامرات الفارس دي جرييه ودي مانون ليسكو"(تأليف مسيود). وحظرت الحكومة الفرنسية تداوله، ومن ثم أقبل عليه الناس إقبالاً شديداً متزايداً. ويقال "إنه في باريس لقي رواجاً كبيراً، وتهافت الناس عليه كما يندفعون إلى النار"(١٩)
وقصة مأنون موضوعة في قالب قبيح غير مصقول من التظاهر والإدعاء، فثمة اثنتا عشرة بغياً في مركبة في طريقهن إلى ميناء الهافر لترحيلهن إلى أمريكا. والمركيز-الرجل ذو الحيثية المجهول، والمفروض أنه يدون المجلدات السبع من المذكرات، يأسر قلبه جمال إحدى الفتيات التي وصف وجهها فيما بعد "بأنه يمكن أن يعيد العالم إلى الوثنية"(٢٠). ويرى كذلك فارس دي جرييه البائس الوحيد الذوق يحدق النظر باكياً في خليلته السابقة، مانون، ويستبد به الحزن والأسى لأنه مفلس ولا يستطيع أن يتبعها إلى منفاها، وتتحرك مشاعر المركيز ويتأثر تأثراً مزدوجاً فيعطي دي جرييه أربعة جنيهات ذهباً؛ مكنت الفارس من مصاحبة مانون إلى لويزيلنا. ويراه المركيز في كاليه بعد ذلك بعامين، ويأخذه إلى داره. أما بقية المجلد الصغير فهي رواية دي جرييه لقصة حبه.
وكان شاباً نموذجياً كريم المحتد، مبرزاً في كل شيء في الكلية في اميان، وكان في عزم أبويه أن يلحقاه بطائفة الفرسان في مالطة. وفي غمرة آمالهم العريضة "جعلاني أضع الصليب"(٢١). ولكن مانون مرت أمامي ودخلت حياتي، وتغير كل شيء. وكانت آنذاك في الخامسة عشرة وهو في السابعة عشرة، "ولم تكن قد تنبهت بعد إلى الفرق بين الجنسين". وعجل وهو هذا التطور المكبوت على الفرار. وتبلغه مانون أنها أرسلت إلى اميان ضد رغبتها لتندمج في سلك الراهبات، فيعرض عليها أن يخلصها من هذا، ويهربان إلى باريس، وبدا أن إعجابهما المتبادل كان عقداً وميثاقاً كافياً"، وتحللنا من مراسم الكنيسة، ووجدنا أننا أصبحنا رجلاً