للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى حد يبعث السأم والضجر. والوضوح يزين التفكير العميق" (٣٥). وكان مؤلفه الذي دفع به إلى المطبعة ١٧٤٦ يقع في خمس وسبعين صفحة مقدمة في التعرف على الروح الإنسانية"، وأعقبه "٦٠٧ من التأملات والحكم" في ١١٥ صفحة. وبعد ذلك بعام واحد، وفي فندق حقير في باريس، قضى نحبه، وهو في الثانية والثلاثين، وهو يمثل موزار وكيتس في الفلسفة الفرنسية.

وقال فوفينارج "إن للفلسفة أنماطها وأشكالها، مثل الملابس والموسيقى والعمارة (٣٦) " وقبل بضع سنين قليلة من إضفاء روسو المثالية على الطبيعة والمساواة، صور فوفينارج "الطبيعة بأنها صراع وحشي من أجل الغلبة والسيطرة"، و "المساواة" على أنها وهم وخداع: السائد بين الملوك، وبين الشعوب، وبين الأفراد، أن الأقوى يرتب لنفسه حقوقاً على الأضعف، ونفس القاعدة متبعة بين الحيوانات والكائنات غير الحية، وهكذا يجري كل شيء في الكون بالعنف. وهذا النظام الذي نعيبه بشيء من شبهة العدل، هو أعم وأثبت وأهم قانون في الطبيعة (٣٧).

إن كل الناس غير أحرار وغير متساوين:

ليس حقاً أن المساواة قانون من قوانين الطبيعة. إن الطبيعة لم تجعل الأشياء متساوية. وإن قانونها الأساسي هو الإخضاع والتبعية .... ومن ولد ليطيع، فسوف يطيع حتى وهو متربع على العرش (٣٨).

أما بالنسبة للإرادة الحرة، فهي أيضاً أسطورة أو خرافة "فليست الإرادة هي العلة الأولى لأي تصرف أو عمل، بل إنها المنبع الأخير". وإذا أوردنا المثل التقليدي على الإرادة الحرة، وهو أنك تستطيع أن تختار هذا أو ذلك أأو ب "بمحض إرادتك" فإن فوفينارج يرد "إني إذا اخترت ب فإن هذا بسبب أن الحاجة إلى الاختيار تقفز إلى تفكيري في اللحظة التي تجول ب بخاطري فيها (٣٩). والإيمان بالله أمر لا مفر منه ولا غنى عنه، على أية حال. وأحس فوفينارج بأنه عن طريق هذا الإيمان وحده يمكن أن يكون للحياة وللتاريخ معنى غير الصراع الدائم والهزيمة في النهاية (٤٠).