تتسلل إلى القصر من خلال الشقوق والنوافذ والأبواب. وكان لزاماً لتدفئة هذا القصر إلى حد مقبول وجود ٣٦ مدفأة تستهلك في اليوم الواحد ستة (كوردات) من الخشب (الكورد=٢٨ قدماً مكعباً من الخشب). ويمكن أن نتخيل عدد الخدم اللازمين له، أضف إلى ذلك مسرحاً لأن فولتير كان يحب أن يمثل وبخاصة في رواياته هو أنه ليؤكد لنا أن المركيزة كانت ممثلة بارعة، وكان الضيوف والمعلم والخدم يحيطون بشخصيات الرواية، ويغنوا بالأوبرا، أحياناً لأن المركيزة (كما يؤكد فولتير مرة أخرى) كان صوتها ملائكياً. كما كان هناك عروض لمسرح العرائس وعروض بالفانوس السحري، قرنها فولتير بتعليقات أغرقت الحاضرين في الضحك.
ولكن اللهو كان طارئاً أما العمل فكان نظاماً يومياً. وكان العاشقان عادة، يعملان منفصلين كل في نطاقه، ولو أنهما تعاونا أحياناً في العمل، وقلما كان الواحد منهما يرى الآخر في أثناء النهار إلا في وجبة الطعام الرئيسية عند الظهر تقريباً. وكان المركيز يترك المائدة قبل أن يبدأ الحديث. وغالباً ما أنسل فولتير أيضاً إلى مكتبه تاركاً الآخرين يتسامرون. وكان له هناك أدوات مائدته الخاصة به لأنه يتناول طعامه وحده أحياناً. وإنا لنرى قلبه بحق محدثاً ممتعاً ممتلئاً بالحيوية، ويمكن أن يكون محط الأنظار ومبعث الحياة في أي اجتماع يشهده، ولكنه كان يكره الحديث التافه. وكان يقول "هذا الوقت الذي نقضيه في الحديث يزعجني كثيراً ويجدر بنا ألا نضيع دقيقة واحدة، إن أكثر ما نضيع هو الوقت (٣١) وكان يخرج أحياناً لصيد الغزال حباً في الرياضة.
وجدير بنا أن لا نصور الرفيقين الفيلسوفين على انهما ملاكان، فيمكن أن تكون السيدة الجافة مستبدة بل قاسية بخيلة بعض الشيء عنيفة مقترة مع خدمها وكانت تحتج إذا نقدهم فولتير أجراً أكبر، ولم يكن بها استحياء من شيء في جسمها، فلم تكن تأبه كثيراً لخلع ملابسها جميعاً أمام سكرتيرهما لونجشامب، أو تكليفه بصب الماء الساخن عليها وهي في الحمام. وكانت