للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطلع خفية على الرسائل التي يكتبها ضيوفها أو ترد إليهم، وليس لدينا دليل على هذا إلا شهادة سيدة أخرى (٣٣) أما فولتير فكان له مئات الأخطاء التي ستكتشف في الوقت المناسب. كان شاعراً مزهواً وكان سريع الغضب والتجهم كأنه طفل، وكثيراً ما هاجم عشيقته وتشاجر معها، وما كان هذا الشجار على أية حال إلا سحب صيف تؤكد سادة أيامهما، وسرعان ما كان فولتير يعود إلى هدوئه وابتسامته وابتهاجه. وما كان يمل الحديث عن سعادته وعن حبه لرفيقته بطريقته الهادئة. ونظم لها مائة قصيدة حب قصيرة كل منها تصوير بارع في فن محكم. وكانت إحدى هذه الدرر الأدبية مع خاتم من حجر كريم نقشت عليه صورته: "بنقش يبرز هذه القسمات ليقع عليها بصرك. أنظري إليها لتقري عيناً بها. أما صورتك فهي منقوشة في أعماق قلبي بيد صناع أكثر حذقاً وبراعة. (٣٤) ".

أما هي فقالت لا أطيق فراقه لمدة ساعتين دون أن يمزقني الألم (٣٥).

ومن بين العشيقين الفيلسوفين كانت هي أكثر انصرافاً إلى العلم وانكباباً عليه منه. ونفذت قانون سيادة المرأة غير المسطور في إخفاء مخطوطة كتاب فولتير "قرن لويس الرابع عشر" الذي لم يكمل بعد، ووجهته بشدة إلى دراسة العلوم بوصفها الدراسة الحقة لرجل العصر الحديث. ووصفتها مدام دي جرانيني، وكانت ضيفاً عليها في ١٧٣٨، بأنها أكثر مثابرة على أبحاثها العلمية من فولتير، حيث كانت تقضي معظم النهار وجزءاً كبيراً من الليل في مكتبها. وفي بعض الحيان حتى الساعة الخامسة أو السابعة صباحاً. (٣٦) وكان موبرتوي يأتي من حين إلى سيري ليتابع دروسه لها في الرياضيات والفيزياء. وربما كانت هذه الزيارات بالإضافة إلى إعجاب المركيزة السافر بسعة علم موبرتوي، هي التي أثارت الغيرة في قلب فولتير الشديد الحساسية، فأدت إلى الملاكمة والشجار بينهما في برلين.

وهل كانت دي شاتيليه عالمة باحثة حقاً، أم أنها اتخذت من العلم سبيلاً للأناقة ومجاراة مقتضيات العصر. ورأت مدام دي ديفان وبعض سيدات أخريات أن دراستها وأبحاثها كانت مجرد مظهر كاذب، وزعمت المركيزة