إلا حيث سرت بدعة محاكاة فرنسا من اللغة إلى الفسق. في الطبقات الوسطى خضعت الحياة العائلية لضبط أشرف على التعصّب والغلو، فقد درج الآباء على أن يسوطوا بناتهم، وزوجاتهم أحيانا (١٨)، وفرض فردريك وليم الأول على بلاط برلين نظاما تسوده الرهبة، ولكن ابنته وصفت البلاط السكسوني في درسدن بأنه بلغ في زناه بلغ بلاط لويس الخامس عشر. ويؤكد لنا مصدر غير ويق أنه كان لأوغسطس القوي ٣٥٤ طفلا"طبيعيا"(أي غير شرعي) نسى بعضهم أبوتهم المشتركة في فراش سفاح المحارم. بل قيل إن أوغسطس نفسه اتخذ له خليلة من ابنته غير الشرعية الكونتيسة أوركتسيلسكا (١٩)، التي علمت فردريك الأكبر فيما بعد فنون الغرام. وقد أصدرت كلية الحقوق بجامعة هاللي في بواكير القرن الثامن عشر إعلاناً دافعت فيه عن التسري بين الملوك والأمراء (٢٠).
وكانت الآداب السلوك صارمة، ولكنها لم تدع لنفسها ما تميت به الآداب الفرنسية من رشاقة الحركة أو سحر الحديث. وأدفأ النبلاء أنفسهم بالحلل والألقاب بعد أن انتزعت منهم السلطة السياسية. كتب اللورد تشسترفيلد في ١٧٤٨ يقول:"أعلم أن الكثير من الخطابات رد دون أن يفتح لأنه أغفل كتابة لقب من بين عشرين في عنوانه"(٢١). وكان حكم أولفر جولدسمث قسوة المتعصب لوطنه إذ قال:" فلنوف الألمان حقهم، إنهم وإن كانوا أغبياء فليس هناك أمة حية تتكلف رزانة محمودة أكثر منهم، أو تفوقهم في فهم آداب الغباء"(٢٢) وقد وافقه فردريك الأكبر (٢٣) وظل الأكل وسيلة محببة لإنفاق اليوم. واقتبس الأثاث طرز النقش والتطعيم المزدهرة آنئذ في فرنسا، ولكن لم يكن في فرنسا ولا في إنجلترا شئ يداني في بهجته مواقد الطهو الملونة بألوان تشرح الصدر، والتي أثارت حسد الليدي ماري مونتاجيو (٢٤). وكانت الحدائق الألمانية مطلينة، ولكن البيوت الألمانية، بما حوت من واجهات نصفها من الخشب، ونوافذ ذات أعمدة، وأفاريز واقية، خلعت على المدن الألمانية فتنة مشرقة تنم على حس جمالي مرهف وإن لم يكن قد تشكل.