الأكليروس للأمراء الحاكمين سبباً في زوال هالة التقى والورع التي خلعت القدسية من قبل سلطانهم. وأصبحت التعيينات في الوظائف الكنسية يمليها الأمير أو السيد الإقطاعي المحلي. أما النبلاء فتظاهروا بالدين، كما فعل نطراؤهم في إنجلترا، باعتباره مسألة منفعة سياسية وعرف اجتماعي. وفقد الأكليروس اللوثري والكلفني مقامهما، واستردت الكاثوليكية سلطانهم في بطئ. في هذه الفترة انتقلت ولايات سكسونيا، وفورتمبرج، وهسي، وكلها بروتستنتية، إلى حكام كاثوليك، واضطر فردريك اللاأدري إلى استرضاء سيليزيا الكاثوليكية.
ولم تزك غير حركة دينية واحدة في المناطق البروتستنتية وهي حركة الإخوان المتحدين، أو الإخوان الموارفيين. ففي عام ١٧٢٢ هاجر نفر من أعضائها الذين اضطهدوا في مورافيا إلى سكسونيا، ووجد الملجأ في ضيعة الكونت نيكلاوس لودفج فون تستسندورف. وقد رأى هذا الكونت الشاب، الذي كان هو نفسه ابن العماد لفيليب ياكوب سبينر في هؤلاء اللاجئين فرصة لإحياء روح المذهب التقوى. فبنى لهم على أرضه قرية هرنهوت (أي جبل الرب)، وأنفق ثروته كلها تقريبا على طبع الأسفار المقدسة وكتب تعليم العقيدة المسيحية، وكتب التراتيل وغيرها من المؤلفات لينتفعوا بها. وقد أعانت رحلاته في أمريكا (١٧٤١ - ٤٢) وإنجلترا (١٧٥٠) وغيرهما على إنشاء مستعمرات لهؤلاء الإخوان في كل قارة، والواقع أن الإخوان الموارفييين هم الذين بدءوا نشاط البعوث الحديث في الكنائس البروتستنسية (١٧) فقد جلب بيتر بولر تأثيرا قويا للإخوان في الحركة المثودية حين التقى بجون وسلي في ١٧٣٥. وفي أمريكا استقر بهم المقام قرب بيت لحم في بنسلفانيا، وفي سليم بكارولينا الشمالية. واحتفظوا يإيمانهم ونظامهم سليمين لم تكد تمسهما رياح العقيدة وأزياء اللباس، وربما كان الثمن شيئاً من قسوة الروح في علاقاتهم العائلية، ولكن لا مناص للشاك من أن يحترم قوة إيمانهم وإخلاصه، وانسجامه الغريب مع حباتهم الخلفية.
وكانت أخلاق العصر بصفة عامة أسلم وأصح في ألمانيا منها في فرنسا،