يملي صهيراً له الافتتاحية الكورالية "حين تشتد بنا الحاجة". وكان قد أعد نفسه للموت منذ أمد بعيد، ووطن نفسه على تقبله، إذا حان حينه، عطية من الآلهة؛ ومن ثم ألف لحنه المؤثر "تعال أيها الموت الحلو".
تعال أيها الموت الرحيم، أيها الراحة المباركة،
تعال لأن حياتي مقفرة،
وقد تعبت من الدنيا.
تعال لأنني في انتظارك،
تعال سريعاً وهدئ روحي،
وأسبل عيبني في رفق؛
تعال، أيها الراحة المباركة (٦٨).
وفي ١٨ يوليو ١٧٥٠ بدا أن بصره قد رد إليه بصورة معجزة، وتجمعت أسرته من حوله في فرح وابتهاج ولكن فجأة، في ٢٨ يوليو، قضت عليه إصابة بالفالج و "رقد إلى الرب هادئاً مباركاً"(٦٩) كما تقول لغة ذلك العهد المفعمة بالرجاء.
وكاد يصبح نسياً منسياً بعد موته. وبعض هذا النسيان مرجعة انزواء باخ في ليبزج، وبعضه عسر ألحانه الصوتية، وبعضه اضمحلال الميل إلى الموسيقى الدينية والأشكال الطباقية. وحاول يوهان هيللر، الذي شغل في ١٧٨٩ وظيفة باخ قائداً لفرقة المرتلين في مدرسة توماس، أن "يبث في التلاميذ استهجان فجاجات باخ"(٧٠). وكان اسم باخ في النصف الثاني من القرن الثامن عشر يعني كارل فليب إيمانويل، الذي كان يأسف على طابع موسيقى أبيه العتيق (٧١). وما حلت سنة ١٨٠٠ حتى بدا أن كل ذكر ليوهان سبستيان باخ قد طوى.
ولم يذكر عمله غير أبنائه. وقد وصفه أثنان منهما ليوهان نيكولاوس فوركل، مدير الموسيقى بجامعة جوتنجن. ودرس فوركل العديد من ألحانه فتحمس له، ونشر في ١٨٠٢ ترجمة لحياته في تسع وثمانين صفحة صرح فيها بأن: