الذي يكسب بالعطف والرحمة. "، وتساءل ما الذي يغري إنساناً بأن يطلب عظمته الشخصية باشفاء غيره من الناس وتدميرهم"(٥٤). ومضى فردريك يقول:
إن مكيافللي لم يفهم طبيعة الملك الحقة … فهو ليس السيد المطلق المتصرف فيمن يدينون لحكمه، إنما هو أول خدامهم، وينبغي أن يكون الأداة لرفاهيتهم كما أنهم الأداة لمجده (٥٥).
ثم أطرى فردريك الدستور الإنجليزية مقتدياً بفولتير على الأرجح:
يبدو لي أننا لو شئنا الإشادة بشكل من أشكال الحكم على أنه القدوة لجيلنا لكان هو الحكم الإنجليزي. فالبرلمان هناك هو القاضي الأعلى للشعب والملك على السواء، وللملك كامل القدرة على فعل الخير، ولا قدرة على فعل الشر (٥٦).
ولسنا نجد في هذه الآراء أي علامة من علامات عدم الإخلاص، فهي تتكرر المرة بعد المرة في رسائل فردريك التي تنتمي لهذه الفترة. وقد بعث بمخطوطة كتابه إلى فولتير (يناير سنة ١٧٤٠)، الذي طلب الإذن له بأن ينشرها. ووافق المؤلف الفخور على استحياء، وكتب فولتير مقدمة للكتاب، وأخذ المخطوطة إلى لاهالي، وأشرف على طبعها، وصحح تجاربها. وفي أواخر سبتمبر طلع الكتاب على الناس فجأة غفلا من اسم المؤلف بعنوان "المعارض لميكافللي". وسرعان ما كشف مؤلفه، وشارك القراء فولتير في الترحيب بمقدم ملك- فيلسوف.
أما فردريك وليم الأول فقد ظل إلى النهاية تقريباً على ما كان عليه طويلا، كأنه سنديانة كثيرة العقد، يوبخ، ويندد، ويشرع القانون بطريقته العجيبة. وبأنه يسالم العالم على مضض إلا حين أنبأه واعظ البلاط بدنو أجله، وبأنه يحب أن يغفر لأعدائه إن أراد أن يغفر الله له. وأرسل في لحظاته الأخيرة في طلب فردريك، وعانقه وبكى، فلعل هذا الفتى العنيد، رغم هذا كله، أن يحوي بين جنبيه مقومات ملك؟ وسأل القادة المحيطين بسريره "ألست محظوظاً لأن لي ولداً أستخلفه"؟ (٥٧) ولعل