وتضافر تأثير فولتير مع تقليد ليبنتس في إحياء أكاديمية برلين للعلوم إحياء قوياً. فبعد أن أسسها فردريك الأول (١٧٠١) أهملها فردريك وليم الأول. أما فردريك الثاني فقد جعلها الآن أبرز الأكاديميات في أوربا. وقد سلف القول بأنه رد فولف من منفاه. وأراد فولف أن يرأس الأكاديمية ولكنه كان طاعناً في السن، ضعيف الساقين، فيه شئ من الخضوع للعقائد التقليدية. أما فردريك فأراد فردريك رئيساً لها من أصحاب "العقول القوية"(أحرار الفكر)، رجلا مواكباً لآخر تطورات العلم، لا يعوقه معوق من اللاهوت. عملاً باقتراح من فولتير (أسف عليه فيما بعد) دعا (يونيو ١٧٤٠) بيير لوى مورو دمويير توي، الذي كان الآن في منتصف عمره، عائداً لتوه من بعثة شهيرة إلى لايلاند لقياس درجة من درجات العرض. وحضر موبيرتوي وأغدق عليه فردريك العون والتأييد، فبنى مختبراً عظيماً وأجرى تجارب أحياناً في حضرة الملك والحاشية. وقد ذهب جولدسمث، الذي لا بد قد خبر جمعية لندن الملكية، إلى أن أكاديمية علوم برلين "تفوق أي أكاديمية غيرها في الوجود"(٦٦).
وأبهج هذا كله فولتير. فلما أتيحت لفردريك فرصة زيارة كليفز دعا الفيلسوف للقائه. وكان فولتير يومها في بروكسل، فانتزع نفسه من مركيزته الفكدة، وسافر ١٥٠ ميلاً إلى "شلوس مويلاند". هناك رأى أفلاطون الجديد ديونيسيوسه أول مرة، وأنفق ثلاثة أيام (١١ - ١٤ سبتمبر ١٧٤٠) في نشوة غامرة لم يفسدها غير وجود ألجاروتي دموبيرتوي. وفي خطاب للسيدة سيدفيل كتبه في ١٨ أكتوبر أبدى رأيه في فردريك فقال:
في ذلك المكان رأيت رجلاً من ألطف الرجال في الدنيا، هو زينة المجتمع، ولو لم يكن ملكاً لسعى إليه الناس في كل بلد، فيلسوف مبرأ من التزمت، كله حلاوة، وكياسة، وسلوك كريم؛ ينسى أنه ملك حين يلقى أصدقاءه. لقد احتجت إلى جهد من ذاكرتي لأتذكر أن الجالس عند أسفل سريري ملك له جيش عدته ١٠٠. ٠٠٠ مقاتل (٦٧).
ولم يكن فردريك أقل إغتياظاً. فقد كتب إلى مساعده جوردان في ٢٤ سبتمبر يقول: