للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد، أن يكون غاية في اللطف، ولكنه كملكاً كان صارماً، وندر أن خفف العدل بالرحمة، فكان يستطيع أن يناقش الفلسفة مع مساعديه وهو يرقب في هدوء جنوده وهم يعانون الجلد وكان لكلبيه لسان لاذع يجرح أصدقاءه أحياناً. وهو شديد الشح عادة، كريم بين الحين والحين. وإذ ألف أن يطاع، فقد أصبح مستبد الطبع، لا يكاد يطيق اعتراضاً، وندر أن يلتمس النصيحة، ولا يعمل بها إطلاقاً. فيه وفاء لأخصائه، ولكنه يحتقر النوع الإنساني. نادر الحديث مع زوجته، يضيق عليها في النفقة، ومزق في وجهها الكشف الذي دونت فيه احتياجاتها في مسكنة (٨٧). وكان عادة ودوداً لشقيقته فلهلمينا، ولكنها هي أيضاً وجدته أحياناً متحفظاً فاتر العاطفة (٨٨). أما غيرهن من النساء، باستثناء الأميرات من زواره، فقد باعد ما بينهن وبينه؛ ولم يكن به ميل للطائف الأنثى ومفاتنها، سواء الجسدية أو الخلقية، وقد أبغض ثرثرة الصالونات. وآثر الفلاسفة والشبان ملاح الوجوه، وكثيراً ما صحب هؤلاء إلا مسكتنه بعد العشاء (٨٩). وربما كان حبه للكلاب أكثر حتى من حبه لهؤلاء. وكان أحب رفاقه إليه في أخريات عمره كلابه السلوقية التي كانت تنام في فراشه؛ وقد أمر بإقامة أنصاب على قبورها، وبأن يدفن بجوارها (٩٠). لقد وجد أن من العسير عليه أن يكون قائداً ناجحاً محبوباً في وقت واحد.

وفي ١٧٤٧ أصيب بنوبة قلبية فالج وظل فاقد الوعي نصف ساعة (٩١). بعد هذا قاوم ضعف صحته بالعادات الثابتة والحمية، ينام على حشية رقيقة فوق سرير بسيط قابل للطي، ويستجلب النوم بالقراءة. وكان يقنع في منتصف عمره هذا بالنوم خمس ساعات أو ستاً في اليوم، فيستيقظ في الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة صيفاً، وبعد ذلك شتاء. لا يقوم على خدمته غير خادم واحد - أهم واجباته أن يوقد له ناره ويحلق له لحيته؛ وكان يحتقر الملوك الذين لا يستغنون عن مساعدين يلبسونهم. ولم يعرف عنه نظافة الشخص أو أناقة الملبس، فكان ينفق نصف يومه وهو في روبه، ونصفه وهو في سترة الحارس. يبدأ فطوره بعدة أكواب من الماء، ثم عدة أقداح من القهوة، ثم يتناول بعض الكعك، ثم كثيراً من الفاكهة. وبعد الفطور يعزف على الفلوت، متأملا شئون السياسة والفلسفة وهو ينفخ آليته.