للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما سمع فردريك بهذه الورطة بعث برسالة غاضبة من بوتسدام إلى فولتير في برلين (٢٤ فبراير ١٧٥١):

لقد سرني أن أستقبلك في بيتي؛ وقدرت عبقريتك، ومواهبك، وعلمك، وكان لي ما يبرر اعتقادي بأن رجلا في مثل سنك أعياه النضال مع الكتاب والتعرض للعاطفة يجئ إلى هذا المكان ليحتمي به احتماءه بمرفأ آمن.

ولكنك حين وصلت انتزعت مني بصورة غريبة بعض الشيء أمراً بألا أكلف فريرون بكتابة الأنباء من باريس، وكان من الضعف … ما جعلني أمنحك سؤلك، مع أنه ليس من حقك أن تقرر أي الأشخاص يجب أن أستخدم. وقد شعرت بأن باكولار دارنو (شاعر فرنسي في بلاط فردريك) أساء إليك، والرجل الكريم السمح كان يعفو عنه، أما المنتقم فيطارد أولئك الذين يطيب له أن يبغضهم … ومع أن دارنو لم يسئ إلي بشئ، فإني طردته بسببك … ثم كانت لك مع يهودي خصومة هي أقذر الخصومات في الدنيا، وقد أثارت فضيحة رهيبة في طول المدينة وعرضها. ومسألة شهادات الإيراد تلك معروفة جيدا في سكسونيا حتى لقد شكوا لي شكاوي مرة.

وإنني من جهتي كنت محافظاً على الهدوء والسلام في بيتي حتى وصلت؛ وإني أنذرت بأنك إن كنت مولعاً بالدس والتآمر فقد أخطأت اختيار من يعينك عليه. فإني أحب الناس المسالمين الهادئين الذين لا يشيعون في سلوكهم انفعالات الدراما المأساوية. فإن اعتزمت العيش عيشة الفلاسفة، فسيسرني أن ألقاك، أما إن أسلمت نفسك لكل سورات غضبك وانفعالك ودخلت في مشاجرات مع كل الناس، فإنك لن تحسن إلي بمجيئك هنا، وخير لك أن تبق في برلين.

وحكمت المحكمة لصالح فولتير. وأرسل إلى الملك اعتذارات ذليلة وعفا عنه فردريك، ولكنه نصحه بأن "يكف عن الشجار، سواء مع العهد القديم أو الجديد" (١٠٠). وبعدها أنزل فولتير بيتاً ريفياً لطيفاً