الغادرة. وبدلا أن يقذفه بصاعقة ملكية، كتب رداً وصف فيه الرد المذكور بأنه "خبيث، جبان، دنئ" ووسم كاتبه بأنه "دجال لا يستحي"، "ولص قبيح" و "ملفق للطعون الغبية"(١١٣). وكان هذا الرد أيضاً غفلا من التوقيع، ولكن صفحة الغلاف تحمل الأسلحة البروسية ومعها النسر، والصولجان، والتاج. وأحس فولتير أن كبرياءه قد جرحت، ولم يكن في طاقته قط أن يترك لعدو الكلمة الأخيرة، ولعله وطن النفس على أن يختصم الملك. وكتب لمدام دينس (١٨ أكتوبر ١٧٥٢) يقول "لست أملك صولجاناً، ولكني أملك قلماً. " ثم استغل غاية الاستغلال نشر موبرتوي مؤخراً (درسدن، ١٧٥٢) لسلسلة من "الرسائل" اقترح فيها حفر ثقب في الكرة الأرضية، إلى مركزها إن أمكن، لدراسة تركيبها، ونسف هرم من أهرام مصر للكشف عن أسرار هدفها وتصميمها، وبناء مدينة لا يتكلم الناس فيها غير اللاتينية حتى يقضي الطلاب فيها عاماً أو عامين ويتعلموا تلك اللغة كما تعلموا القومية، وألا ينقد الطبيب أجره إلا بعد شفاء المريض، وأن جرعة كافية من الأفيون قد تمكن متعاطيها من التنبؤ بالمستقبل، وأن العناية الصحيحة بالجسم قد تتيح لنا إطالة العمر إلى ما لا نهاية (١١٤). وانقض فولتير على هذه الرسائل انقضاضه على فريسة سهلة، مغفلا بعناية أي فقرة فيها إدراك سليم أو أي لمحات من الفكاهة ثم قذف بالباقي في مرح على قرون دعابته الذكية. وهكذا كتب في نوفمبر ١٧٥٢ "خطاب الدكتور أكاكيا، طبيب البابا المقيم. " وكامة Diatribe ( ومعناها الآن هجاء) كانت تعنى يومها خطاباً، أما akakia فكلمة يونانية معناها "غرارة أو غفلة". وقد بدأ الطبيب المزعوم في براءة ظاهرة بتشككه في أن يكون رجل عظيم كعميد أكاديمية برلين مؤلفاً لكتاب بهذا السخف. وعلى أي حال "ليس في عصرنا هذا ما هو أشيع وأعم من أن يزيف مؤلفون صغار جهل على العالم، تحت أسماء مشهورة، كتباً غير جديرة بالمؤلفين المزعومين. فلا بد أن هذه الرسائل هي من هذا الضرب من التزييف، لأنه مجال أن يكون العميد العلامة قد