كتب هذا الهراء. وخص الدكتور أكاكيا بالاحتجاج على ذلك الاقتراح بعدم نقد الطبيب أجره إلا بعد شفاء المريض- وهو اقتراح ربما كان يمس وتراً متعاطفاً في صدر فولتير الموجع، ولكن "أينكر الموكل على محاميه أتعابه التي يستحقها لأنه خسر قضيته؟ إن الطبيب يعد مريضه بأن يعينه لا بأن يشفه. وهو يبذل ما في وسعه وينقد أجره على هذا الأساس"، وكيف يكون شعور عضو الأكاديمية إذا اقتطع قدر معين من الدوقاتيات من راتبه السنوي نظير كل غلطة ارتكبها، أو كل قول سخيف فاه به، خلال العام؟ وراح الطبيب يفصل ما اعتبره فولتير أغلاطاً أو سخافات في أعمال موبرتوي (١١٥).
ولم يكن هجاؤه هذا بالبراعة التي يخالها الناس عموماً، فكثير منه معاد وبعض ما فيه من نبش عن الأخطاء تافه غير كريم؛ ونحن نخفي حقدنا في أيامنا هذه بأدب أكثر. ولكن فولتير سر بتمثيليته هذه سروراً لم يستطع معه أن يقاوم بهجة رؤيتها مطبوعة. فأرسل مخطوطة منها إلى ناشر في لاهاي، وأرى الملك في الوقت نفسه مخطوطة أخرى. واستمتع فردريك بقراءة الهجاء (أو هكذا قيل) وكان بينه وبين نفسه يوافق على أن موبرتوي فيه أحياناً غرور لا يطاق، ولكنه نهى فولتير عن نشره، وواضح أنه وجد في لنشر مساساً بكرامة أكاديمية برلين وسمعتها. وسمح له فولتير بأن يحتفظ بالمخطوطة، ولكن الهجاء نشر رغم ذلك في هولندا. وسرعان ما انبثت ثلاثون ألف نسخة منه في أرجاء باريس، وبروكسل، ولاهاي، وبرلين. ووصلت نسخة منها ليد فردريك، فأعرب عن غضبه بعبارات جعلت فولتير يفر إلى مسكن خاص في العاصمة. وفي ٢٤ ديسمبر ١٧٥٢ رأى من نافذته جلاد الدولة الرسمي يحرق كتابه على الملأ. وفي أول يناير ١٧٥٣ رد لفردريك مفتاحه الذهبي بوصفه أميناً للقصر، وصليب الاستحقاق الذي خلعه عليه.
وكان الآن مريضاً حقاً، تلهب الحمرة جبينه، وترهق الدوزنتاريا أمعاءه، وتبرى الحمى جسده. فلزم فراشه في ٢ فبراير ولم يبرحه طوال