من بيئة معادية إلى بيئة صديقة أو محايدة. وفي بروسيا ألغي فردريك الأكبر الرقابة عملياً، ولكن خلفه أعادها في ١٧٨٦. أما الدنمرك فإنها احتفظت بالرقابة على الكتب حتى عام ١٧٤٩ باستثناء فاصل قصير في عهد شتروينزي. وأما السويد فقد حظرت نشر المواد التي انتقدت اللوثرية أو الحكومة، وفي ١٧٦٤ أصدرت جامعة أوبسالا قائمة بالكتب المحرمة؛ ولكن في ١٧٦٦ قررت السويد الحرية الكاملة للمطبوعات.
كانت الرقابة في فرنسا قد اتسعت من سابقة إلى سابقة منذ عهد فرنسوا الأول، ثم جددت بمسوم صدر في ١٧٢٣ ينص على "ألا يطبع ناشرون أو غيرهم، أو يعيدوا طبع، أي كتب في أي مكان في المملكة، دون الحصول سلفاً على إذن بخطابات مختومة بالخاتم الكبير". وكان هناك ستة وسبعون رقيباً سمياً في ١٧٤١، بطلب إلى الرقيب منهم قبل أن يمنح الكتاب "إذن الملك وامتيازه" أن يشهد بأن الكتاب لا يحوي شيئاً ضد الدين، أو النظام العام، أو الخلق القويم. ويجوز لبرلمان باريس أو السوربون أن يشجبا الكتاب حتى بعد نشره بإذن الطبع الملكي. وفي النصف الأول من القرن الثامن عشر لم تطبق الرقابة الملكية إلا تطبيقاً هيناً، فظهرت آلاف الكتب دون إذن ودون أن يمسها سؤ، وفي كثير من الحالات لا سيما حين مالزبرب رئاسة الرقابة (١٧٥٠ - ٦٣) كان المؤلف يحصل على "إذن ضمني"- وهو تعهد غير رسمي بأن الكتاب المراد نشره يصرح بطبعه دون خوف من محاكمة. فإذا صدر كتاب لم تصرح الحكومة بنشره جاز أن يحرقه جلاد الدولة بينما يظل المؤلف حراً طليقاً، فإذا زج به في الباستيل لم يسجن غير سجن قصير كريم (١٢).
على أن هذه الحقبة من التسامح النسبي انتهت بمحاولة داميان اغتيال لويس الخامس عشر (٥ يناير ١٧٥٧). ففي أبريل قضي مرسوم وحشي بالموت على "جميع من يدانون بكتابة أو طبع أي مؤلفات قصد بها التهجم على الدين أو العدوان على السلطة الملكية أو تكدير نظام المملكة وهدوئها". وفي ١٧٦٤ حرم مرسوم آخر نشر الكتب التي تتناول مالية الدولة. وأخضعت الكتب، والنشرات، وحتى مقدمات المسرحيات، لأكثر ضروب الفحص