للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكاديميات أقليمية في أورليان، وبوردو، وتولوز، وأوجزير، ومتز، وبيزانسون، وديجون، ولبون، وكان، وروان، ومونتوبان، وأنجير، ونانسي، وأكس-أن-بروفانس. وتجنبت الأكاديميات الهرطقة، ولكنها شجعت العلم والتجربة، وتسامحت في النقاش وشجعته، ومسابقات الجوائز التي قدمتها أكاديمية ديجون في ١٧٤٩و١٧٥٤ هي التي أطلقت روسو على الدرب إلى الثورة الفرنسية. وفي باريس أيقظ انتخاب دوكلو (١٧٤٦) ودالامبير (١٧٥٤) أكاديمية الخالدين المحتضرين الفرنسية من غفواتها الدجماطيقية؛ وكان ارتقاء دوكلو إلى منصب استراتيجي في الأكاديمية، هو منصب "السكرتير الدائم" (١٧٥٥) إيذاناً بسيطرة الفلاسفة على الأكاديمية.

وأضافت المجلات العلمية مزيداً من الحفز للحركة الفكرية. وكان من خيرة هذه المجلات "مذكرات للانتفاع بها في تاريخ العلوم والفنون الجميلة" التي رأس تحريرها اليسوعيون من ١٧٠١ إلى ١٧٦٢، وتعرف بمجلة "تريفو" نسبة إلى دار النشر في تريفو، قرب ليون، وكانت أكثر المطبوعات الدينية تفقهاً وتحرراً. وكان في باريس وحدها ثلاث وسبعون مجلة وعلى رأسها "المركيز دفرانس" و"مجلة العلماء". ورأس اثنان من أقوى خصوم فولتير وأشدهم لدوداً تحرير مجلتين واسعتي النفوذ: فأسس ديفونتين "أخبار الأدب" في ١٧٢١، ونشر فريرون "العام الأدبي" من ١٧٥٤ إلى ١٧٧٤. ونسجت ألمانيا على هذا المنوال، فأصدرت "رسائل في الأدب الجديد" التي كان ليسنج وموسى مندلسون من بين من زودوها بمقالاتهم الكثيرة. وفي إيطاليا تناولت "مجلة الأدباء" المواضيع العلمية والأدبية والفنية، أما مجلة "كافية" فكانت صحيفة رأى على طريقة "الاسبكتاتور الإنجليزية" وفي السويد جعل أولوف فون دالين من صحيفة "سفنسكا آرجوس" رسولاً للتنوير. ولما كانت كل هذه الدوريات تقريباً اللغات القومية ولا تخضع لإشراف كنسي، فقد كانت بمثابة خميرة طالعة في حركة عصرها المضطربة.