واحداً من مئات الوخزات العلمية التي أحدثت تقوياً في مفهوم الكتاب المقدس للتاريخ:
ووجهت ضربة مماثلة للخرافات الكلاسيكية حين قرأ بوبي على الأكاديمية (١٧٢٢) بحثاً يتشكك في رواية ليفي للتاريخ الروماني القديم. وكان لورنتسو فاللا قد ألمع إلى هذه الشكوك عن هذه النقطة حوالي عام ١٤٤٠، وقد طورها فيكو عام ١٧٢١، ولكن بحث بوبي المستفيض سخف بشكل قاطع قصص رومولوس وريموس، والهوراشين، والكورياتيين، باعتبارها مجرد أساطير؛ ومهد الطريق لعمل بارتولد نيبور في القرن التاسع عشر. ولا تدخل الكتب التالية تماماً في النطاق الزمني لهذا الفصل، مع انتمائها إلى القرن الثامن عشر، وهي كتاب "ملاحظات تمهيدية عن هومر"(١٧٩٥) الذي فكك فيه فريدرش فولف الشاعر هومر إلى مدرسة وأسرة كاملة من المنشدين؛ وطبعات رتشارد بورسن المدققة لأسخيلوس ويوربيديس، وكتاب يوزف ايكيل "نظرية المسكوكات"(١٧٩٢ - ٩٨) الذي أسس علم المسكوكات والمعادن.
ولم يشعر عالم الدراسات الكلاسكية ثانية بنشوة إلهام كذلك الإلهام الذي جاءه من إنساني النهضة، إلا حين اكتشفت مدينة هركولانيوم. ففي ١٧٣٨ كان عمال يضعون أساس بيت للصيد يبني لشارل الرابع ملك نابلي، فكشفوا بطريق الصدفة عن أطلال هركولانيوم، وفي ١٧٤٨ أظهر فحص مبدئي بعض الأبنية المذهلة لمدينة يومبي التي طمرها هي أيضاً ثوران فيزوف في ٧٩ م. وفي ١٧٥٢ استنفذت المعابد الفخمة التي بناها المستعمرون اليونان في بيستوم في غياهب القرون المظلمة. وقد رسم الحفار الكبير بيرانيزي معابد بومبي وقصورها وتماثيلها التي أخرجتها الحفائر على محفورات وجدت النسخ المنقولة عنها إقبالاً من المشترين في كل أنحاء أوربا. وأسفرت هذه الكشوف عن إحياء حار لاهتمام القوم بالفن القديم، ودافع قوى للحركة الكلاسيكية الجديدة التي تزعمها فنكلمان، وإضافة هائلة للمعرفة الجديدة بأساليب الحياة القديمة.
ويجب أن نقف هنا هنيهة للإقرار بدين العلم للرهبان الذين استخدموا