للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أدرك أن حياة الفكر التي تحرك المسيح كانت في صميمها أخروية ( eschatatological) "- أي مبنية على نظرية نهاية وشيكة للعلم" (٢٣).

ومن دراسة الآثار اليهودية انتقل العلماء في حذر إلى شعوب الشرق التي رفضت المسيح أو لم تسمح باسمه قط. فترجمة جالان الفرنسية لألف ليلة بورينيه "تاريخ الفلسفة الوثنية" (١٧٢٤)، وكتاب بولانفلييه "حية محمد" (١٧٣٠)، وترجمة سيل الإنجليزية للقرآن-هذه كلها أظهرت الإسلام، لا عالماً من الهمجية، بل ساحة لعقيدة منافسة قوية، ولنظام خلقي بدا موفقاً رغم تسامحه مع فطرة تعدد الزوجات في جنس الرجال. وفتح إبراهام هياسنت آنكتيل-دوبرون ميداناً ى خر بترجمته أسفار البرت المقدسة. وقد جذبته إليها قراءته مختارات من الزند أفستا في مكتبة بباريس، فعدل عن تحضيره للقسوسية، واعتزم أن يرتاد كتب الشرق المقدسة في أصولها. ولما كان أفقر من أن يدفع نفقات الرحلة، فقد انخرط وهو في الثالثة والعشرين (١٧٥٤) في سلك الحملة الفرنسية إلى الهند. وما أن وصل إلى بوندتشيري حتى تعلم قراءة الفارسية الحديثة، وفي شاندرناجور درس السنسكريتية، وفي صورات أقنع كاهناً برتيا بأن يعلمه البهلوية والزندية. وفي ١٧٦٢ عاد إلى باريس ومعه ١٨٠ مخطوطاً شرقياً عكف على ترجمتها؛ وكان خلال ذلك يعيش على الخبز والجبن والماء، ويتجنب الزواج لأنه ترف لا طاقة له به. وفي ١٧٧١ نشر ترجمته الفرنسية للزند-أفستا، وشذرات من كتب أخرى للبرت، وفي ١٨٠٤ أصدر "الأوبانيشادات". وقد شارك الوعي بالديانات والنواميس الأخلاقية غير المسيحية، ببطئ، في تقويض دجماطيقية العقائد الأوربية.

وكان أبعد هذه الإلهامات العرقية أثراً إماطة المرسلين والرحالة والعلماء الأوربيين اللثام عن تاريخ الصين وفلسفتها. وكانت البداية هي عودة ماركو بولو إلى البندقية في ١٢٩٥؛ وعززتها الترجمات الفرنسية والإنجليزية (١٥٨٨) لكتاب الأب اليسوعي خوانذاليس دي مندوزا "تاريخ الصين" (لشبونة ١٥٨٤)، وترجمة هاكلويت الإنجليزية، في كتابه