لكل مسألة بعينها، وما زالت هذه المعادلات العامة تسود الميكانيكا وتحمل اسمه. ووصفها إرنست ماخ بأنها من أعظم الإسهامات في الاقتصاد في الفكر (٦) وقد رفعت ألفرد نورث هوايتهيد إلى ذرى النشوة الدينية فقال "إن في هذه المعادلات من الجمال، ومن البساطة التي تكاد تبلغ القداسة، ما يجعل هذه الصيغ جديرة بأن تضارع تلك الرموز الغامضة التي آمن الناس في القديم بأنها تدل مباشرة على الكائن الأعلى الذي يكمن وراء كل الأشياء (٧).
فلما نشبت الثورة بسقوط الباستيل (١٤ يوليو ١٧٨٩) نصح لجرانج، المقرب إلى الملكية، بأن يعود إلى برلين، ولكنه أبى. فلقد كان على الدوام متعاطفاً مع المظلومين، ولكنه لم يؤمن بقدرة الثورة على النجاة ن نتائج عدم المساواة الطبيعي بين البشر. وهالته مذابح سبتمبر ١٧٩٢، وإعدام صديقه لافوازييه، ولكن صمته المكتئب أنقذ رأسه من الجيلوتين. فلما فتحت مدرسة المعلمين (١٧٩٥) نيط لجرانج بقسم الرياضة فيها، وحين أقفلت وأسست مدرسة الفنون والصنائع (١٧٩٧) كان أول أساتذتها، والأساس والاتجاه الرياضيات الفرنسي هما بعض تأثير لجرانج الطويل الأمد.
وفي ١٧٩١ عينت لجنة لوضع نظام جديد للموازين والمقاييس. وكان لجرانج، ولافوازييه، ولابلاس، من أوائل أعضائها. وبعد ثلاثة أشهر "طهر" ابثنان من هذا الثالوث، وأصبح لجرانج العقل القائد في وضع النظام المتري. واختارت اللجنة أساساً للطول ربع الكرة الأرضية- ربع الدائرة العظمى التي تمر حول الأرض على مستوى البحر بطريق القطبين، وأخذ جزء على عشرة ملايين منه وحدة جديدة للطول وسمى متراً. واختارت لجنة فرعية الجرام وحدة جديدة للموازين: وهو وزن الماء المقطر في درجة الصفر المئوية، ويشغل مكعباً كل ضلع فيه سنتمتر واحد-أي جزء على مائة من المتر. وبهذه الطريقة بنيت جميع الأطوال والأوزان على ثابت فيزيائي واحد، وعلى العدد عشرة. وظل هناك مدافعون عن النظام الأثنى عشري، الذي اتخذ العدد عشر أساساً له، كما هو متبع في إنجلترا، وبوجه عام في تقديرنا للزمن. ولكن لجرانج أصر على النظام العشري، وكان له ما أراد. فقررت الحكومة الفرنسية هذا النظام في ٢٥ نوفمبر ١٧٩٢،