وما زال، مع بعض التعديلات باقياً إلى يومنا هذا، ولعله أبقى نتائج الثورة الفرنسية.
وأضاءت تجربة رومانسية كهولة لجرانج. ذلك انه حين بلغ السادسة والخمسين أصرت فتاة في السابعة عشرة، كانت ابنة صديقه الفلكي لمونييه، على الزواج منه وتكريس نفسها للتخفيف من أوهامه ووساوسه. وأذعن لجرانج، وبلغ من عرفانه بصنيع حبها أنه يصحبها إلى المراقص والحفلات الموسيقية. وكان قد تعلم أن يحب الموسيقى-التي هي لعبة تحتال بها الرياضة على الأذن- لأنها "تعزلني. إنني أسمع الموازين الموسيقية الثلاثة الأولى، وفي الرابعة لا أعود أعي شيئاً، فأستسلم لأفكاري، ولا شيء يقطعها على، وبهذه الطريقة أحل من مسألة عويصة"(٨).
فلما هبطت حمى الثورة، هنأت فرنسا لأنها أعفت إمام رياضي العصر من الجيلوتين. وفي ١٧٩٦ أوفد تاليران إلى تورين ليزور بصفة رسمية والد لجرانج ويقول له "إن ابنك الذي تفخر بيدمونت بأنها أنجبته، وتفخر فرنسا بأنه مواطن فيها، وقد شرف البشر أجمعين بعبقريته"(٩). وكان نابليون يحب فيما بين حملاته أن يتحدث إلى الرياضي الذي تحول إلى الفلسفة.
واستعاد الشيخ اهتمامه بالرياضة حين نفخ ووسع "الميكانيكا التحليلية"(١٨١٠ - ١٣) لإعداد طبعة ثانية من الكتاب. ولكنه أسرف في الجهد والسرعة كعادته؛ وأضعفته نوبات من الدوار، ومرة وجدته زوجته فاقد الوعي على أرض الحجرة، وقد نزف رأسه من قطع سببه سقوطه على حرف المائدة. وأدرك أن قواه البدنية آخذة في النضوب، ولكنه تقبل هذا التحلل البطيء على أنه طبيعي ومعقول. وقال لمونج ولغيره من عواده:
"كنت مريضاً جداً أمس أيها الأصدقاء، وأحسست أنني سأموت وأصاب الضعف بدني شيئاً فشيئاً، وانطفأت قواي العقلية والبدنية دون وعي مني. ولاحظت "متوالية" تناقض عافيتي، الحسنة التدرج، ووصلت إلى النهاية دون أسف، أو حسرات، وفي هبوط غاية في الرفق. يجب