سان جان لورون ولما تمض على مولده ساعات (١٧١٧)، فعمدوه باسم جان بانيست لورون، وأرسلوه إلى مرضع في الريف. وطالب به أبوه، الشفالييه ديتوش، وسماه دارامبير (لأسباب نجهلها)، ودفع أجراً لمدام روسو، وهي زوجة صانع زجاج، لتتبنى الطفل. وتبين أنها رابة مثالية، وأن جان غلام نابغة. فلما بلغ السابعة أراه أبوه في فخر لأمه، مدام دتانسان، ولكنها قررت أن مستقبلها خليلة وصاحبة صالون سيضار بقبول الطفل، ولم تسهم بشيء في إعالته على قدر علمنا، أما الشفالييه فقد ترك له قبل موته في ١٧٢٦ معاشاً سنوياً قدره ألف ومائتا جنيه.
وتلقى جان تعليمه في الكوليج دكاتر ناسيون (كلية الأمم الأربع)، ثم في جامعة باريس، حيث نال درجة القانون. وهناك، حوالي عام ١٧٣٨، غير اسمه من دارامبير إلى دالامبير. ثم اتجه إلى دراسة الطب بعد أن مل القانون، ولكن ميلاً عارضاً إلى الرياضة انقلب فيه غراماً مشبوباً. قال "كانت الرياضة لي أشبه بالخليلة للرجل"(١٤). وواصل السكنى مع مدام روسو حتى بلغ الثامنة والأربعين وهو يعتبرها في عرفانه بصنيعها أمه الوحيدة. وكان من رأيها أن مما يشين الرجل أن يسلم نفسه إلى حياة الدرس ولا يبدي أي شهوة للمال. فكانت تقول له في أسى "إنك لن تغدو أن تكون فيلسوفاً. وما الفيلسوف؟ مجنون يعذب نفسه طوال حياته ليتحدث الناس عنه بعد موته"(١٥).
ولعل دوافعه الملهمة لم تكن الرغبة في الشهرة بعد الموت، بل المنافسة الأبية مع العلماء الراسخين، وتلك الغريزة الشبيهة بغريزة القندس، التي تبتهج بالبناء، ويخلق النظام من فوضى المواد والأفكار. على أية حال فإنه في الثامنة والعشرين بدأ يقدم أبحاثاً لأكاديمية العلوم: أحدها في حساب التكامل (١٧٣٩)، وآخر في انكسار الضوء (١٧٤١؛ وفي بحث الضوء هذا أقدم تعليل لانحناء أشعة الضوء وهي تنتقل من سائل إلى آخر أكبر كثافة، ومكافأة له على البحث قبلته الأكاديمية عضواً "ملحقاً"، وبعد عامين نشر أهم آثاره العلمية" رسالة في الديناميكا"، وقد حاول فيها أن يختزل كل مسائل المادة المتحركة إلى معادلات رياضية، وسبقت الرسالة رسالة